قرية ضانا الأردنية تتحول من منطقة مهجورة إلى وجهة سياحية بيئية
(وكالة أنباء العالم العربي) - قد يظن السائر في شوارع قرية ضانا الواقعة في محافظة الطفيلة جنوب الأردن أنها خالية من السكان وبيوتها الحجرية خاوية لا حياة فيها، لكن التعمق أكثر بتفاصيل هذه القرية الأثرية يوحي بصورة مغايرة لما تبدو عليه.
هجر سكان القرية آخر بيوتها عام 1992 لتغلق بذلك صفحتها الأخيرة في قصة 500 عام من الاستيطان البشري.
تحولت بعدها بفضل جهود عدد من أبنائها إلى وجهة سياحية بيئية طبيعية يقصدها الزوار من مختلف أنحاء المعمورة، وتحولت بيوتها الحجرية المتهالكة المتناثرة وسط طبيعة خلابة يحكمها السكون ويعانقها الهواء النظيف إلى جزء من مشروع سياحي.
لم تفارق ذكريات القرية محمد الخوالدة، أحد أبناء هذه القرية، ويستذكر حياته السابقة فيها، لافتا إلى أن شرارة نزيف الهجرة منها انطلقت نهاية ستينيات القرن الماضي نحو قرية القادسية الواقعة على مقربة منها.
وقال "أنا أحد سكان هذه القرية، قرية ضانا، ولدت فيها عام 1973، وأتذكر جيدا التاريخ الذي غادرنا به هذه القرية، كان ذلك عام 1978، وذلك عقب 6 سنوات من ولادتي، حيث درست السنة الابتدائية الأولى في قرية ضانا ثم انتقلت إلى مدرسة في قرية القادسية".
غياب الخوالدة عن مسقط رأسه لم يطل، فقد عاد برفقة عائلته واضعا نصب عينيه إحياء الأرض التي غادرها بأي ثمن، فكانت الزراعة سبيله الأول إلى هذا الحلم، ثم إقامة مشروع سياحي يحقق له ولعائلته عيشا كريما.
وأوضح "القرية القديمة غالية على سكانها وعلى أهلها، فأنا ووالداي كنا من السكان الذين شق عليهم ترك القرية، حيث زرعنا أشجار الزيتون التي ترونها بأم العين موجودة هنا في هذا المكان، وأصبحنا نقطف من هذه المزرعة ثمار الزيتون والصبار والرمان والعنب والتين، وبعد ذلك ارتأيت من تلقاء نفسي أن أطوّر هذا المكان وأجعله وجهة سياحية، ولكن بلوحة جمالية أخرى على شاكلة الأكواخ".
مضيفا "الآن زوار القرية يأتون لمشاهدتها ويتعرفون على أسلوب حياة الناس فيها وكيف أوجدوها ووُجدوا فيها، فعملنا على تطوير المكان وأقمنا أكواخا خشبية تربط بين الماضي والحاضر، حيث أن هذه الأكواخ تحتوي على واجهات حجرية طبيعية والأخشاب الطبيعية كذلك، من أجل أن يعيش السائح تجربة فريدة في هذه القرية بين أكناف الطبيعة والمنازل القديمة وحجارتها القديمة وبين هذه الجبال واللوحة الطبيعية الفنية التي حبانا بها الله عز وجل".
في الوقت الراهن، ثلاثة من أنماط الحياة دبّت في القرية الأثرية مجددا، القلة الباقية من أهاليها، وفود السواح التي تأتي وتذهب من حين لآخر، وقطعان الماشية التي تجوب شوارع القرية كي تقتات على الأعشاب التي نمت على أطلال البيوت الحجرية المنهارة، ما شكّل لوحة طبيعية تمازجت فيها المرتفعات الجبلية التي تسوِّر القرية من كل جانب مع التاريخ والطبيعة الخاضعة لحماية الجمعية الملكية الأردنية لحماية الطبيعة في البلاد.
وصنفت قرية ضانا محمية طبيعية عام 1989 على مساحة تبلغ 292 كيلومترا مربعا بموجب خطة لإدارة المحمية وجذب السياحة البيئية.
ووفقا لإحصائيات الجمعية فإن متوسط عدد السائحين السنوي للمحمية والقرية القديمة يبلغ 120 ألفا سنويا، مقارنة بقرابة خمسمئة شخص فقط قبيل إنشاء المحمية.