• حضرموت

  • الثلاثاء، ١٦ يوليو ٢٠٢٤ في ٤:٠٣ ص
    آخر تحديث : الثلاثاء، ١٦ يوليو ٢٠٢٤ في ٤:٠٣ ص

نحل اليمن ينشد الحياة في وجه التغيرات المناخية وتقلُّب الأحوال الجوية

(وكالة أنباء العالم العربي) - في ظل تغيرات مناخية متسارعة، يواجه نحل اليمن تحديات جمة بدءا من شح الأمطار وارتفاع درجات الحرارة التي وصلت لأكثر من 40 درجة مئوية، وانتهاء بتغير مواسم الإزهار، مرورا بسيول جارفة وتلوث بيئي نتيجة الحرب، مما يهدد قدرته على التكاثر والبقاء.

ويعتقد البعض بانقراض أنواع من النحل اليمني الجبلي، ومنها النحل الأحمر الذي كان النحالُّون يربونه في المناطق الجبلية في حضرموت وشبوة وغيرها، بفعل المتغيرات المناخية.

يقول النحال الحضرمي أحمد باسمار (50 عاما) إن هناك أنواعا اختفت ولم يعد لها وجود، مضيفا "كانت أسراب النحل الأحمر تأتي لشرب الماء من الوادي وكنا نتتبعها بعد عودتها إلى جحورها في الجبال ونستدرجها إلى بيوت خشبية حيث يتم رعيها واستخلاص العسل منها".

ويروي النحال الذي تزيد خبرته في هذا المجال عن 40 عاما كيف طرأت متغيرات بيئية كثيرة أثَّرت على حياة النحل في اليمن، ويقول "النحل يحتاج إلى بيئة خضراء وأراض عشبية بنسبة 50% على الأقل، وهذا النوع من الأراضي نادرا ما يجده النحل الآن إلا في مواسم محدودة ولأيام معدودة".

ويواصل حديثه "لذلك نحن كنحالين نتنقل بحثا عن تلك الأنواع من الأراضي والمناطق الأكثر أمطارا واخضرارا حيث تتنوع الأعشاب والزهور لكي يرعى النحل بشكل جيد".

ويضيف "عندما نرى النحل في الصباح الباكر وقد خرج من خلاياه، فإن ذلك يُعتبر مؤشرا على أنه يرعى ويعيش بشكل جيد وبالتالي سنحصل على إنتاج جيد. لكن إذا جاء الصباح وكان النحل يهبط على الأرض ويتأخر في خروجه من خلاياه، فذلك مؤشر سيء وعلينا وقتها أن ننتقل إلى مناطق أخرى".

ويخزّن باسمار العسل في خزنة خاصة في منزله، تماما كما يخزن الناس أموالهم وأشياءهم الثمينة، ويخرجه في الوقت الذي يحتاج فيه إلى المال وبالقدر الذي يكفي لتغطية احتياجاته. ويؤكد "كلما طال تخزين العسل لسنوات كان أجود وأفيد لصحة الإنسان".

نحو 100 ألف أسرة مهددة

يُنتج نحل اليمن أنواعا متعددة من العسل بحسب غذائه أو الأشجار التي يرعى عليها والأزهار التي يستنشق رحيقها. ولعل أفضل هذه الأنواع عسل السدر الذي يصل سعر الكيلوغرام الواحد منه إلى 200 دولار، فيما يتراوح سعر عسل السمر بين 50 و70 دولارا للكيلوغرام. وهناك أنواع أقل جودة وأقل ثمنا.

وتربية النحل واحدة من المهن التي تعتمد عليها أسر عديدة في اليمن، لكن هذا الأمر بات مهددا ليس فقط بسبب تغيرات المناخ، بل وبسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ نحو عشر سنوات.

فقد أشار تقرير أصدرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى أنه رغم شهرة اليمن في إنتاج بعض من أجود أنواع العسل في العالم، فقد تأثر ذلك كثيرا بسبب الأثر الملوث للبيئة نتيجة استخدام الأسلحة.

وأكد التقرير تأثر مناطق رعي النحل وتربيته بالحرب إلى جانب تأثرها المتزايد بتغير المناخ، ما يجعل آلاف النحالين في حالة من عدم الاستقرار ويؤدي إلى انخفاض كبير في الإنتاج.

وتهدد التغيرات المناخية في اليمن نحو 100 ألف أسرة تعمل في تربية النحل وإنتاج العسل وتعتمد عليه كمصدر وحيد للدخل وتوفير لقمة العيش بحسب الصليب الحمر الذي أكد في تقريره أن تغير المناخ يهدد استمرارية هذا العمل الذي يمارسه اليمنيون منذ 3000 عام.

وأشار التقرير أيضا إلى تأثر اليمن بشدة بتغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة في السنوات الأخيرة وبالتغيرات الشديدة التي طرأت على البيئة بما يُخل بالنظام البيئي للنحل ويؤثر على عملية التلقيح، وتحدَّث عن قلة الأمطار وانخفاض منسوب المياه وزيادة التصحر.

وقال "لم تعد المناطق التي كانت تعمل سابقا في الأنشطة الزراعية وتربية النحل قادرة على دعم سبل العيش حاليا".

تأثير البيئة والبشر

يقول الباحث البيئي ورئيس رابطة النحالين اليمنيين عبد الله ناشر في لقاء مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن النحل يواجه تحديات عديدة في اليمن أبرزها التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وتزايد الجفاف  والعواصف القاسية.

ويضيف أن كل هذه عوامل تؤثر سلبا على مَواطن النحل وموارد غذائه وتكاثره وتؤدي إلى انخفاض أعداده كما تتسبب في نقص التنوع النباتي وانتشار الأمراض والآفات.

ويشير كذلك إلى فقد الكثير من خلايا النحل بفعل السيول الجارفة والمفاجئة القادمة من مناطق بعيدة شهدت أمطارا تنحدر مياهها إلى مناطق أخرى، مما يفاجئ النحالين ويجرف النحل في ممرات السيول والسهول والمنحدرات في الوديان.

وإلى جانب التغيرات المناخية، هناك مخاطر بشرية تواجه النحل مثل منها رش المبيدات على مزارع تقع بالقرب من مواطن رعيه دون إبلاغ النحالين بأنه سيتم رش المنطقة كي ينتقلوا بنحلهم إلى مناطق آمنة، مما يبيد الآلاف منه.

ويتحدث رئيس رابطة النحالين عن الأثر البشري الضار الناجم عن القطع الجائر للأشجار وخصوصا أشجار السدر المهمة لإنتاج أفضل أنواع العسل اليمني.

ويوضح هذا الأمر قائلا إنه نظرا للوضع الاقتصادي المتردي بالبلاد، تستخدم الأُسر اليمنية الحطب بدلا من غاز الطبخ المكلف، وهو ما يساهم في التصحر وانعدام مصادر غذاء النحل.

ونوَّه إلى أن من أبرز مهام الجهات الرسمية حماية أشجار السدر التي يجري قطعها بشكل واسع في مناطق مختلفة من اليمن، فأصبحت أعدادها شحيحة في الوديان والجبال.

وتحدث أيضا عن ضرورة العمل على ترسيخ ثقافة زرع أشجار السدر التي تعد من الأشجار المعمرة  ومصدر غذاء مهما للنحل.