(نغم البحر) فرقة موسيقية مصرية تحافظ على تراث قبائل البحر الأحمر
فرقة (نغم البحر) تؤدي أحد عروضها في مركز الربع الثقافي بشارع المعز لدين الله الفاطمي في قلب القاهرة الفاطمية (22 مارس آذار 2024)
  • القاهرة

  • الثلاثاء، ٢٦ مارس ٢٠٢٤ في ١٠:٠٢:٥٥ ص
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٢٦ مارس ٢٠٢٤ في ١١:٥٥ ص

(نغم البحر) فرقة موسيقية مصرية تحافظ على تراث قبائل البحر الأحمر

(وكالة أنباء العالم العربي) - تطمح فرقة موسيقية مصرية تأسست في 2014 إلى تعريف الجمهور بالتراث الموسيقى لقبائل البحر الأحمر.

وبدأت فرقة (نغم البحر) تقديم عروضها في عدد من المراكز الثقافية الرسمية والمستقلة في مصر منذ تأسيسها قبل عشر سنوات، وقدمت أحد عروضها في مركز الربع الثقافي في شارع المعز في وسط القاهرة الفاطمية يوم الجمعة الماضية، ووجدت تجاوبا واسعا من الجمهور الذي تفاعل مع أغنيات الفرقة وموسيقاها التي تتشابه كثيرا مع الموسيقى التراثية في بعض دول منطقة الخليج.

وقال مدثر سباق مدير فرقة (نغم البحر) لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "تخصصت الفرقة في تقديم تراث أغنيات البحر، فضلا عن تراث القبائل البدوية المنتشرة حول ساحل البحر الأحمر في محافظتي البحر الأحمر وجنوب سيناء".

وأشار إلى أنه بدأ مع بعض أفراد عائلته في توثيق تراث القبائل هناك، كما يعمل على تدوينه وحفظه وتلقينه للأجيال الجديدة "بغرض تأكيد قدرته على الاستمرار".

بدأ سباق جهوده في تأسيس الفرقة عام 2014، إلا أن جهوده تبلورت بعد عامين مع انطلاق عروض الفرقة أمام جمهور متنوع. ويستهدف سباق نقل تراث قبائل البحر الأحمر  بحيث يكون متاحا أمام الباحثين المختصين في دراسة الفلكلور والتراث المادي واللا مادي وكذلك العادات والطقوس الشعبية.

وبدأت فرقة (نغم البحر) عملها بإحياء الفنون الموسيقية وإعادة تقديمها من خلال مجموعات شبابية تولت تدوينه من الأجيال السابقة لتعميق فكرة تواصل الأجيال.

يصف سباق نفسه بأنه "عاشق الفنون التراثية"، ويوضح أنه قضى سنوات الطفولة والمراهقة في حضور حفلات الأفراح وكافة المناسبات الاجتماعية، مما جعله على وعي بمضمونها وطقوسها في كافة مدن البحر الأحمر، وخاصة الغردقة والقصير ومرسي علم.

ويرى أن سنوات النشأة أمدته بمعارف وخبرات كثيرة أهلته بعد سنوات للتعامل مع كبار السن وإقناعهم بضرورة تلقين الأجيال الأحدث ما لديهم من حكايات شعبية وأغنيات.

وأشار سباق إلى أن أكثر العوامل التي ساعدت على تيسير عملية تدوين التراث أن معظم العائلات داخل محافظة البحر الأحمر ترتبط بعلاقات مصاهرة ونسب "وبالتالي لم يكن هناك غرباء يؤدون مهمة التدوين والتوثيق".

وعلى الرغم من صعوبات التنقل بسبب المسافات الطويلة بين مدن وقرى المحافظة، لكن ذلك "لم يمثل عائقا يحول دون نجاح عمليات جمع التراث"، على حد قول سباق.

ويقيم سباق في رأس غارب، في حين يسكن معظم أفراد عائلته في مدينتي القصير والغردقة على بعد عشرات الكيلومترات.

* مهمة قومية

أبدى مدير فرقة (نغم البحر) أسفه لأن الكثير من الفنانين، مثل حربي حسين ومحمد جمعة الزراع وعيد رزق الله، الذين كانوا من حفظة تراث هذه القبائل قد ماتوا دون أن يتم حفظ وتسجيل كافة أدوارهم الموسيقية.

وربما بسبب ذلك يشعر مدثر بمسؤولية إزاء عملية نقل تراث القبائل إلى الأجيال الأصغر، ويعتبر أنه في مهمة قومية.

وتتكون الفرقة من 12 عازفا يعزفون على آلتي السمسمية والعود وبعض الطبول الإيقاعية، وتستخدم الفرقة أحيانا جالون مياه معدنيا كآلة إيقاعية.

وأوضح سباق، الذي ينتمي إلى قبيلة العبابدة، أن لكل قبيلة أسلوبها في الغناء والعزف، كما تمتلك أغنيات تمثلها، ولذلك يتسم الفن البدوي بالتنوع.

وتجمع فرقة (نغم البحر) في عروضها الجماهيرية بين أداء الفنون البحرية والفنون البدوية التي تسمى (اليماني)، وهي موجودة  بنفس الصيغة في السعودية واليمن والأردن ومصر.

وتؤدي كل قبيلة هذه الأغنيات بإيقاعات ونصوص شعرية مختلفة، كما أن هناك بعض الأبيات التي تعود إلى فن الصوت الشائع في الخليج، لكنها تؤدى ضمن برامج الفرقة بأسلوب خاص.

ويفسر سباق ذلك مؤكدا أن أواصر التواصل بين قبائل البحر الأحمر بضفتيه ما زالت ممتدة إلى الآن وتعود إلى أزمنة سحيقة، لكن كل قبيلة تضع بصمتها الخاصة وتشكل هذا التراث وفقا لأنماط تفاعلها معه.

ويقول "هناك الكثير من أفراد القبيلة التي تنتمي لها أمي يعيشون في السعودية إلى الآن ويحملون جنسيتها، كذلك توجد قبائل تعيش في القصير لها أصول يمنية والعلاقات متواصلة إلى الآن، كما يفد إلينا الكثير من السودانيين ونحن جميعا نشعر بالانتماء إلى تراث واحد، فالبحر هوية جامعة".

وتتخذ الفرقة من القصير مقرا لها، ويشير سباق إلى أن لهذه  المدينة وضع خاص نظرا لارتباطها التاريخي بطرق الحج والتجارة القادمة من جهة وادي النيل في اتجاه البحر، مما جعلها تجمع خليطا من تراث البحر والوادي.

ويوضح أن قرى ومدن البحر الأحمر قبل أن تعرف التنمية السياحية كانت تعاني من التهميش وتصنف ضمن المناطق النائية، ولم تجد اهتماما من الدولة إلا في العقود الأخيرة.

وأضاف "كان أهالي القصير يستقبلون بث التلفزيون السعودي بجودة أفضل من إرسال التلفزيون المصري، لذلك شاعت بين السكان الكثير من الأغنيات السعودية وأثرت كثيرا في نشأة أجيال كاملة".

ينتمي سباق لعائلة تلعب الكثير من الأدوار السياسية في المنطقة، وتحظى كذلك بمكانة اجتماعية مميزة ونال أفرادها قدرا كبيرا من التعليم، لكن هذا لم يمنع بعض أفرادها من الاهتمام بالموسيقى والسعي إلى تعلمها، لذلك يمثل أفراد عائلة سباق العمود الفقري للفرقة.

ويتوقع سباق أن تشهد الفترة المقبلة تطورا في عمل الفرقة، سواء بتعديل الكلمات أو الألحان بما لا يخل بروح تلك الأعمال التراثية، بحيث تواكب أعمالها روح العصر ويتمكن كافة الناس من تقبلها والتعايش معها.

ويؤكد أن مهمة الفرقة ليست  قاصرة على الحفاظ على التراث من الاندثار، وإنما تمتد إلى تطويره بما يتناسب مع الزمن الحالي.