مؤتمر الاستجابة الطارئة لغزة يدعو لإنهاء العملية الإسرائيلية وإطلاق مسار لحل الدولتين
وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي (يسار) ومنسق الإغاثة الأممي في حالات الطوارئ مارتن غريفيث خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة الأردنية عمّان في ختام مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة (11 يونيو حزيران 2024)
  • عمّان

  • الثلاثاء، ١١ يونيو ٢٠٢٤ في ٧:٢٧ م
    آخر تحديث : الأربعاء، ١٢ يونيو ٢٠٢٤ في ٨:٣٧ ص

مؤتمر الاستجابة الطارئة لغزة يدعو لإنهاء العملية الإسرائيلية وإطلاق مسار لحل الدولتين

(وكالة أنباء العالم العربي) - دعا المشاركون في مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة الذي استضافه الأردن اليوم الثلاثاء إلى إنهاء العملية الإسرائيلية المستمرة في رفح بجنوب القطاع وتنفيذ التدابير المؤقتة التي أشارت إليها محكمة العدل الدولية، وإطلاق مسار ذي مصداقية لا رجعة فيه لتنفيذ حل الدولتين.

وحث البيان الختامي للمؤتمر، الذي عقد برئاسة العاهل الأردني الملك عبد االله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على "إرساء وقف فوري ودائم لإطلاق النار يحظى بالاحترام الكامل، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن وجميع المدنيين المحتجزين بشكل غير قانوني".

كما دعا البيان إلى "تسهيل وتمكين الوصول الفوري والآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية بالكمية والجودة المطلوبين وعلى نطاق واسع إلى غزة وفي جميع أنحائها، عبر الطرق الأكثر مباشرة إلى السكان المدنيين، بما في ذلك من خلال رفع جميع الحواجز والقيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية".

وطالب رؤساء المؤتمر أيضا بتوفير الدعم اللازم والتمويل المستدام لتمكين وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من مواصلة أنشطتها وخدماتها الأساسية والحيوية للشعب الفلسطيني في غزة وجميع مناطق عملها، بما في ذلك من خلال أنشطة التعافي المبكر.

وأكد المؤتمر على ضرورة "تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وإطلاق مسار ذي مصداقية ولا رجعة فيه لتنفيذ حل الدولتين يؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والمتصلة جغرافيا والقابلة للحياة وذات السيادة، بما يتماشى مع المعايير المتفق عليها وعلى خطوط الرابع من (يونيو) حزيران 1967، لتعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في أمن وسلام".

ولفت البيان إلى ضرورة "إلغاء جميع الإجراءات العقابية المفروضة على الشعب الفلسطيني والاقتصاد الفلسطيني، والامتناع عن جميع التصريحات والإجراءات الاستفزازية والتحريضية التي تزيد من تفاقم الوضع الصعب في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، فضلا عن تقديم الدعم اللازم للحكومة الفلسطينية".

وشدد كذلك على وجوب "ضمان الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة للفلسطينيين المهجرين في قطاع غزة"، لافتا إلى أهمية الوساطة الحالية التي تضطلع بها مصر وقطر والولايات المتحدة بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار الدائم في القطاع  والإفراج عن الرهائن والمحتجزين.

عُقد مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة اليوم بمركز الملك الحسين بن طلال للمؤتمرات في منطقة البحر الميت بالأردن، وذلك على مستوى قادة دول ورؤساء حكومات ورؤساء منظمات إنسانية وإغاثية دولية.

وتزامنا مع عقد المؤتمر، أعلنت بريطانيا اليوم استئناف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية للمساهمة في توفير خدمات أساسية ودفع رواتب العاملين بالقطاع الصحي على مدى شهرين، قائلة إن السلطة "باتت على وشك الانهيار المالي".

وذكرت وزارة الخارجية البريطانية في بيان أنها ستقدم للسلطة الفلسطينية عشرة ملايين جنيه إسترليني في السنة المالية الحالية، كما ستقدم خمسة ملايين أخرى من المساعدة الفنية دعما لبرنامج الإصلاح الذي تطبقه السلطة.

تداعيات خطيرة

خلال المؤتمر، طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باتخاذ خطوات فورية وفعالة وملموسة من أجل "إلزام إسرائيل بإنهاء الحصار والتوقف عن استخدام سلاح التجويع وإلزامها بإزالة العراقيل عن دخول المساعدات لكافة المعابر والانسحاب من مدينة رفح".

كما طالب السيسي "باتخاذ اجراءات فورية وملموسة لتوفير الظروف اللازمة للعودة الفورية للنازحين الفلسطينيين في القطاع إلى مناطق سكنهم التي أجبروا على النزوح منها بسبب الحرب الإسرائيلية".

وأكد الرئيس المصري على أن الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يعاني منها سكان غزة تتحملها إسرائيل كونها "نتائج متعمدة لحرب انتقامية تدميرية" تشنها ضد القطاع.

وفي لقاء على هامش المؤتمر، حذر السيسي والملك عبد الله من التداعيات الخطيرة لاستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وأكدا على ضرورة التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في القطاع وحماية المدنيين.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية في بيان إن السيسي والملك عبد الله شددا أيضا على رفضهما لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، وجددا دعوتهما لتكاتف الجهود الدولية لتحقيق التسوية العادلة والشاملة للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين.

كما ذكر وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال افتتاح مجموعات العمل الخاصة بالمؤتمر أن التصعيد الإسرائيلي الأخير في رفح فرض قيودا إضافية على توصيل وتوزيع المساعدات الإنسانية.

وأوضح أنه "نتيجة لتلك القيود، وفي مسعى للحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية قدر المستطاع، فقد قامت مصر بإرسال المساعدات للمدنيين بالقطاع من خلال معبر كرم أبو سالم".

من جانبه، قال العاهل الأردني في المؤتمر إنه لا يمكن لعملية إيصال المساعدات الإنسانية أن تنتظر وقف إطلاق النار في غزة، كما لا يمكن أن تخضع للأجندات السياسية لأي طرف.

وأشار الملك عبد الله إلى أن الاستجابة الإنسانية الدولية في غزة "دون المطلوب بدرجة كبيرة، إذ يواجه إيصال المساعدات عقبات على جميع المستويات".

وأكد على أن "هناك حاجة إلى آلية قوية للتنسيق تشمل جميع الأطراف على الأرض، وأن فض الاشتباك بشكل مؤثر وشامل بين الجهات الفاعلة على الأرض أمر أساسي لضمان قدرة وكالات الإغاثة على العمل والتنظيم وأداء واجباتها بأمان وبشكل كاف ومستدام".

وجدد العاهل الأردني التأكيد على أن "الممر البري هو الطريقة الأكثر فعالية لتدفق المساعدات إلى غزة، وهناك حاجة ماسة للموارد الدولية للتركيز على ذلك بشكل عاجل".

وأردف بالقول "يجب أن نكون مستعدين الآن لنشر عدد كاف من الشاحنات لتوصيل المساعدات بشكل يومي... هناك حاجة إلى مئات الشاحنات داخل غزة والمزيد من المساعدات لضمان تدفقها المستمر بشكل فاعل عبر الطرق البرية إلى غزة، ولا يمكننا أن ننتظر شهورا لحشد هذه الموارد، فما لدينا اليوم هو ببساطة بعيد كل البعد عما نحتاجه".

دلالة هامة

يرى صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن عقد المؤتمر برئاسة مصرية أردنية مشتركة يحمل دلالة هامة هي أن مصر والأردن هما أكثر دولتين معنيتين بالقضية الفلسطينية وتداعياتها، ويؤكد الدور الرائد للبلدين في دعم الحقوق الفلسطينية.

وقال حليمة لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن السيسي وضع خلال كلمته رؤية واضحة لتسوية القضية الفلسطينية بشكل كامل من خلال حل الدولتين وإنهاء الاحتلال وليس تصفيتها كما تريد إسرائيل.

وأضاف أنه حدد محاور ونقاطا رئيسية للموقف المصري حيال ما يجري في قطاع غزة من خلال التركيز على ضرورة وقف الحرب بشكل كامل وعودة النازحين الفلسطينيين وضمان دخول المساعدات.

وتابع حليمة أن السيسي أكد بحضور قادة ورؤساء حكومات ووزير الخارجية الأميركي على تحميل إسرائيل مسؤولية الأزمة الإنسانية في غزة بسبب استخدامها سياسة التجويع ضد السكان، وقال إن هذه رسالة للرد على "الأكاذيب" الإسرائيلية التي تحاول التنصل من مسؤولية غلق المعابر وإلقاء المسؤولية على مصر.

وعقد السيسي والملك عبد الله اجتماعا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أكدوا خلاله على ضرورة الوقف الفوري للعمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح "في ظل تداعياتها الكارثية أمنيا وإنسانيا"، ودعوا المجتمع الدولي إلى ممارسة أقصى درجات الضغط على إسرائيل لوقف "جرائمها" والالتزام بالقانون الدولي.

وشدد عباس في لقاء مع الرئيس المصري على هامش المؤتمر على أن قطاع غزة "جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية ويقع تحت مسؤوليتها وتحت إدارتها"، ولا يمكن القبول أو التعامل مع ما سماها مخططات إسرائيل لفصله.

وحث الرئيس الفلسطيني في الاجتماع على الإسراع في إدخال المساعدات لتفادي مخاطر مجاعة حقيقية جراء سيطرة إسرائيل على جميع معابر القطاع وإغلاقها، وأكد على أهمية الإفراج عن الأموال الفلسطينية التي تحتجزها إسرائيل.

وفي كلمته أمام المؤتمر، دعا الرئيس الفلسطيني مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لفتح جميع المعابر البرية لغزة وتسليمها للحكومة الفلسطينية الجديدة، التي قال إنها أعلنت عن "جاهزيتها لاستلام مهامها في قطاع غزة كما هو في الضفة الغربية بما في ذلك معابر قطاع غزة كافة".

وأضاف "الوقت قد حان لوقف ما يتعرض له شعبنا في غزة منذ ثمانية أشهر من إبادة جماعية، وما يعانيه في الضفة بما فيها القدس من جرائم الاحتلال ومستوطنيه".

وجدد عباس التأكيد على أن الحل السياسي المبني على قرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية يتطلب حصول فلسطين على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة واعتراف مزيد من دول العالم بها.

"تجويع متعمد"

خلال المؤتمر، طالب ممثل السعودية مساعد بن محمد العيبان المجتمع الدولي بمحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي، ودعا دول العالم إلى المضي قدما بالاعتراف بدولة فلسطين، مؤكدا عل استمرار مساعي المملكة "للوصول لحل ينهي الأزمة ويفسح المجال لمسار موثوق لا رجعة فيه لتنفيذ حل الدولتين".

وأضاف العيبان "ما يشهده قطاع غزة من عدوان إسرائيلي يحتم علينا القيام بعمل جماعي لوقف هذه الكارثة الإنسانية والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية وإيصال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة لكافة أنحاء القطاع وعودة النازحين لمنازلهم بشكل آمن".

كما أكد ممثل السعودية على "ضرورة قيام المجتمع الدولي بوقف العدوان الإسرائيلي وإيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية مبني على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام الدولية".

بدوره، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أمام مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة إن ما سماه "التجويع المتعمد" لسكان القطاع هو من "جرائم" الحرب الموثقة، معتبرا أن هدف إسرائيل هو "تنفيذ الإبادة عبر جعل الأرض غير قابلة للحياة".

وشدد أبو الغيط على أهمية الأونروا ودورها المحوري، وحذر من أنه بدونها "ينهار الوضع الإنساني كليا في قطاع غزة"، مؤكدا على أن الرصيف البحري المؤقت قبالة ساحل القطاع ليس كافيا لإدخال المساعدات وأنه لا غنى عن فتح كافة المعابر البرية باعتبارها الآلية الموثوقة لإدخال المساعدات.

وجاء ذلك بعدما أكد المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أيضا خلال المؤتمر على أنه لا بديل للمنظم لتلبية الاحتياجات الإنسانية في القطاع، مشيرا إلى أن الهدف من مؤتمر اليوم هو "اتخاذ إجراءات والتعهد بالتزامات قاطعة لتنظيم استجابة جماعية منسقة لمواجهة المأساة الإنسانية في غزة".

وفي لقاء على هامش المؤتمر جمع وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن مع نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، بحث الجانبان ضرورة وقف لإطلاق النار في غزة وأهمية التوصل لاتفاق يضمن أيضا "إطلاق سراح جميع المحتجزين ويتيح زيادة المساعدات الإنسانية ويسمح للمدنيين بالعودة إلى أحيائهم".

وشدد بلينكن خلال اللقاء على أن الاقتراح الحالي المطروح على الطاولة سيفيد كلا من الإسرائيليين والفلسطينيين، مؤكدا على أن حركة حماس "يجب أن تقبله دون تأخير".

وبحث وزير الخارجية الأميركي مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى أيضا الاتفاق المطروح على الطاولة حول وقف إطلاق النار في غزة، مؤكدا على دعم واشنطن لإقامة دولة فلسطينية مستقلة مع توفير ضمانات لإسرائيل.

وأعلن بلينكن عن تقديم الولايات المتحدة مبلغا إضافيا قدره 404 ملايين دولار من المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة لدعم المدنيين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والمنطقة.

وأوضحت الخارجية الأميركية أن التمويل الجديد سيوفر الدعم الأساسي للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والمنطقة، بما في ذلك الغذاء ومياه الشرب النظيفة والرعاية الصحية والحماية والتعليم والمأوى والدعم النفسي والاجتماعي.

كارثة غير مسبوقة

وصف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي استمرار الحرب على غزة بأنها كارثة لم يشهد لها المجتمع الدولي مثيلا على مدى عقود، معتبرا أنه لا يمكن التوصل إلى حل للصراع في المنطقة ما لم يتم وضع نهاية "للاحتلال" الإسرائيلي.

وشدد الصفدي في مؤتمر صحفي مع نظيره المصري سامح شكري والمنسق الأممي للإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث في عمّان على أهمية الدور الذي تلعبه وكالة الأونروا بوصفها "لا يمكن استبدالها أو الاستغناء عنها".

وأعاد الوزير الأردني التأكيد على الرفض التام لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم واقتطاع أي جزء من أراضي غزة أو فرض سيادة إسرائيلية عليها.

كما حذر من احتمال توسع نطاق الحرب في المنطقة، مضيفا أن إسرائيل تتعامل مع العالم كأنها تحظى بحصانة وأن "هذه الحصانة يجب أن تُرفع".

ورأى وزير الخارجية المصري أن هناك "توافقا دوليا على ضرورة إنهاء الأعمال العسكرية والعدوان وإيصال المساعدات لقطاع غزة و فتح المعابر وتمكين معبر رفح من العمل مرة أخرى".

وأضاف شكري خلال المؤتمر الصحفي قائلا "الأمن لن يتحقق طالما الشعب الفلسطيني محروم من حقوقه وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة".

على صعيد آخر، حذر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من أن استمرار "التهديدات العدوانية الإسرائيلية" إزاء لبنان ينذر بتوسعة الصراع في المنطقة.

وأضاف السوداني خلال لقاء مع بلينكن على هامش أعمال مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة لغزة أن استمرار الحرب في القطاع "سيكون سببا في اتخاذ نشاط التطرف ذريعة في المنطقة".