موسم البلدة السياحي.. منصة لدعم تمكين المرأة في المكلا اليمنية
(وكالة أنباء العالم العربي) - تحت ظل خيمة واسعة جمعت العديد من النساء المنتجات ورواد المشاريع الصغيرة ضمن مهرجان موسم البلدة السياحي في مدينة المكلا، جلست رائدة با نجار (35 عاما) على طاولة مستديرة تزينها أنواع مختلفة من الحناء وصور نقشها الزاهية.
كانت رائدة، وهي أم لستة أطفال، تعرض بفخر منتجاتها من الحناء الحضرمي الأصيل، وتروج لصالونها الخاص بنقش الحناء الذي أسسته لإعالة أسرتها، متسلحة بخبرة تمتد إلى خمسة عشر عامًا بدأتها من منزلها الصغير، إلى أن تمكنت من افتتاح صالونها الخاص في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت في جنوب شرق اليمن.
وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها اليمنيون، يشكل مهرجان البلدة السياحي فرصة ذهبية لرائدة وغيرها من النساء لعرض منتجاتهن وتعزيز مشاريعهن الصغيرة، وذلك بدعم من جمعية الهلال الأحمر الإماراتي.
وقالت رائدة لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن المرأة اليمنية بشكل عام خرجت للعمل في كل المجالات بسبب الوضع المعيشي والاقتصادي الذي نتج عن الحرب الدائرة في البلاد، والتي فرضت على المرأة مسؤولية موازية لمسؤولية الرجل لتعيش الأسرة بكرامة.
وتعمل رائدة على الترويج لعملها في نقش الحناء للعرائس والنساء عامة من خلال مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي، واستغلت موسم البلدة السياحي في المكلا لدعم مشروعها الذي تطمح إلى توسيعه وتوظيف عدد من النساء الخبيرات في نقش الحناء.
عدد من الأسر مع منتجاتها في خيمة الأسر المنتجة في موسم البلدة بمدينة المكلا في حضرموت جنوب شرق اليمن (19 يوليو تموز 2024) - المصدر: AWP
وقالت "المشاركة في المعارض، سواء في موسم البلدة أو غيره من المعارض الفنية والثقافية، ساعدتنا على تحسين أعمالنا وتطويرها والأخذ باقتراحات الآخرين. كما أن التشجيع المحلي يساهم كثيرا في استمرار أعمالنا وتطويرها".
وبالإضافة إلى فن نقش الحناء، تعمل رائدة أيضًا على بيع أنواع الحناء الحضرمي الشهير، الذي يحظى بشعبية كبيرة في الأوساط اليمنية التي تعتبر نقش الحناء من الإرث الثقافي والاجتماعي المتوارث.
وتتحدث المرأة المكافحة عن عدد من التحديات التي تواجه مشروعها مثل ارتفاع الأسعار، مما يدفع النساء إلى النقش في المنزل بدلا من الذهاب إلى صالون نقش الحناء، وكذلك استبدال إبداع المنقشة بالملصقات الصينية الجاهزة، فضلا عن انقطاع الكهرباء.
وقالت إن دخلها في أعلى تقدير من كل عملية نقش بالحناء لا يتجاوز خمسة آلاف ريال يمني ولا يقل عن خمسمائة ريال في أقل تكلفة، وتستقبل في اليوم من سبع إلى ثلاث نساء.
وترعى رائدة في منزلها فتاتين معاقتين حركيًا وفتاة أخرى تدرس في الجامعة، وذلك اعتمادا على دخلها المحدود، بالإضافة إلى المساهمة في توفير احتياجات الأسرة لمساندة زوجها الذي يعمل بالأجر اليومي في قطاعي الزراعة والبناء.
حلوى منزلية
وفي مكان قريب داخل خيمة الأسر المنتجة ضمن مهرجان البلدة السياحي السنوي، يقع كشك أقامته ناهية محمد لمشروعها الصغير لعمل الحلوى المنزلية وبيعها للزوار.
ونظرا لمعاناة زوجها بأمراض متعددة منذ سبع سنوات، لجأت ناهية إلى توظيف مهارتها في صناعة الحلوى والمعجنات لعمل مشروعها الخاص لإعالة أسرتها.
وقالت ناهية إنها كانت تصنع الحلوى والمعجنات وتبيعها من منزلها الصغير في المكلا لسكان الحي والمعارف والأصدقاء، وحصلت قبل ثلاث سنوات على دورة تأهيلية من قبل منظمة محلية قدمت لها الدعم في التسويق والترويج لمنتجاتها.
وأضافت المرأة التي تعول خمسة أبناء وشاركت بمنتجاتها في المعرض للمرة الأولى "لم أحب أن أشارك في الأعوام السابقة رغم دعوتي للمشاركة، لكنني فضلت هذا الموسم أن أحاول وأجرب المشاركة وكيف قد تعود بالنفع على مشروعي ومنتجاتي".
وتواجه ناهية أيضا تحديات في توفير الأدوات الكهربائية المستخدمة في إنتاج المعجنات والحلوى، حيث لا تزال تعتمد بشكل أساسي على يديها، بسبب غلاء أسعار الأجهزة، خاصة في السنوات الأخيرة بفعل الصعوبات التي تواجه عمليات الاستيراد والهجمات التي تشنها جماعة الحوثي على الملاحة البحرية، مما أدى إلى تقليل عدد السفن المارة عبر اليمن.
دعم إماراتي
من جانبه قال علي الجفري، ممثل جمعية الهلال الأحمر الإماراتي إن المعرض التسويقي للأسر المنتجة في المكلا هو الرابع من نوعه خلال مواسم البلدة، مشيرا إلى أن هذه الفعالية تنظمها الجمعية بالتعاون مع مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.
وأكد الجفري التزام الجمعية بالمساعدة على تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في حضرموت من خلال إطلاق ثلاث مبادرات نوعية بالتزامن مع موسم البلدة السياحي السنوي.
عدد من الأسر مع منتجاتها في خيمة الأسر المنتجة في موسم البلدة بمدينة المكلا في حضرموت جنوب شرق اليمن (19 يوليو تموز 2024) - المصدر: AWP
وأضاف لوكالة أنباء العالم العربي أن المبادرات شملت إقامة المعرض التسويقي الرابع للأسر المنتجة وفعالية للتبرع بالدم ونشر فرق للإسعافات الأولية في المكلا.
وأكد ممثل الهلال الأحمر الإماراتي أن المبادرات تهدف إلى دعم الأسر المنتجة وتوفير فرص تسويقية لها، بالإضافة إلى تعزيز الوعي الصحي بين الزوار.
كما أشار إلى أن نشر فرق الإسعافات الأولية وتقديم خدمات التثقيف الصحي بما في ذلك حملة التبرع بالدم، يأتي في إطار الجهود المستمرة لتقديم الدعم اللازم للمجتمع المحلي في حضرموت.
وشهد المعرض التسويقي مشاركة نحو 100 أسرة منتجة، ويهدف إلى تمكين الأسر من عرض وترويج وبيع منتجاتها واستغلال كثافة الزوار للموسم من مختلف مناطق حضرموت ومناطق اليمن عموما، وكذا تشجيع الحرف اليدوية والحفاظ على استمرارها باعتبارها ثقافة وتراثا يمنيا قديما.
وقدم المعرض فرصا تسويقية مميزة للنساء المنتجات، حيث أتاح تسويق المنتجات مباشرة إلى المستهلكين بأسعار تفضيلية مقارنة بالأسواق المحلية، مما يساهم في تعزيز المشاريع المنزلية ودعم تمكين المرأة اليمنية.