مقابلة - الروائي اللبناني رشيد الضعيف: انفجار مرفأ بيروت يتجاوز إمكانية التعبير عنه
(وكالة أنباء العالم العربي) - قال الروائي اللبناني رشيد الضعيف إن روايته الجديدة (ما رأت زينة وما لم تر) مستوحاة من انفجار مرفأ بيروت، وكانت مكتوبة في البداية للسينما لكن تكلفة الإنتاج العالية أدت لتحويلها من سيناريو إلى رواية.
وفي مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP)، قال الضعيف إن "جريمة" انفجار مرفأ بيروت تتجاوز إمكانية التعبير عنها، مضيفا أن لا القول الروائي ولا السينمائي ولا المسرحي لديه القدرة على نقل ما خلفته هذه المأساة من خسائر.
وأوضح أنه لم يستطع مقاومة رغبته في التحدث عن انفجار المرفأ، وقال "يجب ألا يفلت من غضب الغيب هذا القادر على ازدراء الحياة إلى هذا الحد".
وفاز الضعيف قبل أيام بجائزة تحمل اسم الروائي الجزائري الراحل محمد زفزاف، واعتبر أن فوزه بالجائزة "يمثل مفاجأة كبيرة، ولم يخطر على البال مطلقا".
وقال "اسم زفزاف، صاحب الأسلوب النشط والفكر الحر والتعامل الرحب مع اختلاف الثقافات، ضامن لكي يكون اختيار الفائز مجردا من قبضة التعسف والمحاباة".
وفي روايته الجديدة (ما رأت زينة وما لم تر) التي صدرت عن دار الساقي في بيروت، حافظ الضعيف في الشكل الروائي على بنية السيناريو من حيث تقسيمه إلى مشاهد، كما حافظ على أغلب الحوار، وعمل على أن تكون معاني ما في الحوار المصاغ بالعامية اللبنانية، مؤداه بالفصحى، في المقاطع التي تسبقها أو تليها.
وعبر الضعيف عن أمله في أن يتحسن حال الإنتاج السينمائي وتتوافر الظروف للبدء في إنتاج الرواية، لكنه لم يعتبر روايته بمثابة حنين للعودة إلى كتابة الأفلام.
وتعاون الضعيف من قبل مع المخرج اللبناني بهيج حجيج في فيلم (غود مورنينغ)، وذكر أنه كتب سيناريو آخر بعنوان (بحبك) من المتوقع أن يخرجه حجيج "والأمل معقود على أن يبدأ العمل في وقت غير بعيد".
* الجرأة
يعد الضعيف أحد أبرز الروائيين اللبنانيين المعاصرين، وتتسم أعماله بالجرأة كما يغلب عليها نوع من الطرافة، وتُرجمت إلى تسع لغات، ومن أبرزها (المستبد) في 1983، و(عزيزي السيد كواباتا) في 1995، و(معبد ينجح في بغداد) في 2004 وغيرها. كما كتب عدة دواوين شعرية منها (حين حل السيف على الصيف) في 1979 و(لا شيء يفوق الوصف) في 1980.
وردا على سؤال بشأن الجرأة في أعماله، قال الضعيف "إذا كان المقصود بالجرأة المبالغة في القول والذهاب به أبعد من المقبول في نظر 'حراس الأخلاق' فهذا لا يرضيني، لكنه لا يستفزني، أما إذا كان المقصود بهذا الوصف أن في رواياتي هامشا واسعا من الحرية، فهذا ما يرضيني بالتأكيد".
وأضاف "يسعدني أن أكون كاتبا حرا لأن الحرية هي بمثابة التخطي، ودون التخطي نظل محكومين بالمراوحة التي تؤدي إلى الذبول وتثير الكآبة".
وتابع قائلا " أكتب بحريتي، وقد ساعدني على ذلك هامش الحرية الذي يتميز به لبنان، كما لم أواجه أي إساءة من أي مؤسسة رسمية، وقليل من النقاد المحافظين شنوا أحيانا هجوما أفادني أكثر مما أساء إلي".
ويعمل الضعيف أستاذا جامعيا، ويرفض التعامل مع الكتابة الروائيّة بوصفها مهنة، ويقول "أنا لا أكتب حين يتوفر لي الوقت. فالوقت عندي هو أصلا للكتابة، وأقوم بالأشياء الأخرى حين يتوفر لي وقت لها".
وقال الضعيف إنه يسعد بلقب "دون كيشوت الرواية اللبنانية" لأن في هذا الوصف تقدير كبير له ولأعماله.
وأردف نوعت في كتابتي، كما نوعت في المواضيع والأساليب التي أكتب بها، كما سعيت في كل ما أكتب إلى أن تكون القراءة ممتعة، بحيث لا يترك القارئ كتابي قبل أن يُنهيه، إلا مضطرا. وحين أشعر بأن القارئ قد مل وهو يقرأ كتابا لي فإني، صراحةً، أشعر بالفشل والإحباط".
وتابع قائلا "نحن في هذا العالم، وخاصة في منطقتنا، وفي لبنان بالذات، نعاني من المآسي كما لم يعان أي شعب، لذلك نحن بحاجة إلى أن نتعلم كيف نسترخي، وكيف نأخذ قيلولة على ظهر العاصفة".
ويرى الضعيف أن الحرب لم يعد موضوعا ضاغطا على الرواية اللبنانية كما كان سابقا.
وقال "وضعت الحرب أوزارها، لكنها لم تضع آثارها".
وأضاف "علمتني الحرب أنّه لا قرار للشر، وأن الإنسان بحاجة إلى عدو لتتوازن نفسه، وإذا لم يجد عدوا استنبط من نفسه عدوا ليكرهه ويقاتله".
وتابع قائلا "في كتابي الشعري 'أي ثلج يهبط بسلام' كتبت 'عادوا لتطيب مآكلكم'، فكيف إذن يمكنني أن أتخلص من آثار ما عشناه من فظائع ومآس. لذلك تبقى الحرب دائما في خلفية الصورة وإن لم تكن في الواجهة، خاصة أنّنا ننتقل من حرب إلى حرب، أو من حرب إلى حافة حرب".