مغاربة يشعرون باستياء بسبب ارتفاع الأسعار في الوجهات السياحية بشمال البلاد
(وكالة أنباء العالم العربي) - حل حسن أزكون الأسبوع الماضي بمنتجع كابو نيغرو في الساحل الشمالي للمغرب قادما من مدينة أغادير لقضاء عطلة الصيف رفقة أطفاله الثلاثة ووالدته.
وبينما أبدى أزكون سعادته بوصوله إلى الساحل الشمالي بعد أن انتظر عطلة الصيف بلهفة، غير أنه أعرب عن أسفه إزاء الأسعار الباهظة لاستئجار الشقق والسلع الاستهلاكية والخدمات الصيفية.
وقال أزكون، الذي يملك ورشة نجارة في أغادير، لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "كل المصاريف تهون لأجل سعادة أطفالي، غير أننا (بدلا من) أن نقضي أسبوعين أو أكثر، لن نستطيع تجاوز أسبوع واحد (في الساحل الشمالي)".
ويتزايد عدد المغاربة المقيمين في الخارج الذين يعودون إلى البلاد لقضاء عطلاتهم خلال أشهر الصيف، مما يزيد من الطلب على الخدمات والسكن والترفيه.
ومع ارتفاع الطلب تزيد الأسعار بصورة كبيرة، مما يثير استياء العديد من المغاربة المغتربين الذين يجدون الأسعار مرتفعة مقارنة بمواسم أخرى أو مقارنة بدول أخرى.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية مقاطع فيديو لمغاربة، سواء من المقيمين في الخارج أو في الداخل، يعبرون فيها عن تذمرهم من الزيادات القياسية في أسعار بعض الخدمات في مناطق الساحل الشمالي للبلاد. وانتشرت صور لأسعار الطعام والمشروبات وحتى الخدمات الشاطئية ومقارنتها بأسعار المنتجات والخدمات نفسها في دول أوروبية.
وتحرص خديجة حيان، وهي مغربية مقيمة في إسبانيا، على زيارة شمال المغرب كل صيف رفقة أختها وأطفالهن.
استأجرت خديجة وأختها شقة مفروشة مقابل 1300 درهم في الليلة الواحدة بمدينة مارتيل المطلة على البحر المتوسط، غير أنها أبدت في حديثها إلى وكالة أنباء العالم العربي تذمرا من غلاء أسعار الخدمات والأنشطة الترفيهية.
مغاربة يستمتعون بالجلوس على شاطئ البحر المتوسط في مدينة مارتيل بشمال المغرب
ويؤكد فؤاد شريفي، الباحث في المعهد العالي الدولي للسياحة بمدينة طنجة في شمال المغرب، أن استياء المغاربة المقيمين بالخارج من ارتفاع أسعار الخدمات والأنشطة وحتى السلع الأساسية خلال الصيف راجع إلى أن وجهات سياحية أوروبية مثل إسبانيا أسعارها أقل.
وقال شريفي إن بعض المغاربة أصبحوا يفضلون قضاء عطلاتهم بالخارج بدلا من المغرب.
وأضاف "عادة ما ترتفع الأثمان مع ارتفاع الطلب موسميا في فصل الصيف، سواء من طرف الزوار المقيمين أو من طرف أفراد الجالية القادمين لقضاء العطلة أو العبور لباقي المدن".
وأوضح شريفي قائلا إنه في مجال السياحة، وعلى الأخص في الطعام، جرت العادة أن يحدد ثمن البيع بثلاثة أمثال تكلفة الإنتاج. ومضى يقول "لكن يبدو من خلال الأمثلة المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي أنه تم تجاوز هذا المستوى بشكل غير مقبول في بعض الحالات".
لكن مصطفى أماليك، الكاتب العام للمجلس الجهوي للسياحة في مراكش، يرى سببا مختلفا لتراجع إقبال المغاربة على الوجهات الصيفية بالساحل الشمالي للبلاد.
وقال أماليك لوكالة أنباء العالم العربي إن الاختلافات في مواعيد العطلات المدرسية، ثم "الاختبارات الاستدراكية" لطلبة شهادة البكالوريا والتي امتدت حتى بداية يوليو تموز وراء تراجع عدد المغاربة في الساحل الشمالي. ويشير مصطلح "الاختبارات الاستدراكية" إلى امتحانات تُعقد للطلاب الذين لم يحققوا النتائج المطلوبة في الامتحانات الرئيسية.
وأضاف أماليك "هناك عامل آخر جد مهم ساهم في هذا الإرباك في فترة عطلة الصيف وعدم توافد مغاربة الخارج إلى البلاد، ويتعلق الأمر بالانتخابات الفرنسية الأخيرة"، مشيرا إلى أن السوق الفرنسية في السياحة تعد الأولى بالنسبة للمغرب، وقال إن معظم المغاربة فضلوا البقاء في فرنسا حتى وضوح الرؤية بعد الانتخابات.
وأكد الكاتب العام للمجلس الجهوي في مراكش أن عدم إقبال المغاربة على الساحل الشمالي للبلاد مسألة مؤقتة.
وتابع قائلا "الوضع تغير وعاد إلى طبيعته خلال الأسبوع الجاري فقط، حتى أنه أصبح من الصعب إيجاد شقق للكراء اليومي (للإيجار) في مدينة تطوان مثلا".
وأردف بالقول "من جانبنا كمتخصصين في المجال السياحي، لم نلمس أي تذمر من طرف الجالية المغربية الوافدة على المدن الساحلية أو حتى المغاربة المقيمين بالبلاد".
وفي وقت سابق من العام الحالي، أعلن المغرب تجاوز عائدات السياحة 10.5 مليار دولار خلال 2023، ارتفاعا من 9.3 مليار دولار في العام السابق، أي بواقع 12 بالمئة.
وقال المغرب إنه استقبل خلال 2023 عددا قياسيا من السياح بلغ 14.5 مليون سائح. ويهدف المغرب للوصول إلى 17.5 مليون سائح في 2026، و26 مليون سائح بحلول 2030.