• القاهرة

  • الجمعة، ١٥ ديسمبر ٢٠٢٣ في ١:٥٩ م
    آخر تحديث : الجمعة، ١٥ ديسمبر ٢٠٢٣ في ١:٥٩ م

كتاب (ما قالته غزة).. تظاهرة شعرية عربية تمزج الشعر بالمقاومة

(وكالة أنباء العالم العربي) - يُظهر كتاب (ما قالته غزة) أشكال التفاعل الإبداعي حول ما يجري في قطاع غزة عبر قصائد ويوميات كتبها مبدعون من فلسطين ومصر والجزائر وتونس واليمن، ليبدو أقرب إلى تظاهرة شعرية تتنوع شعاراتها الجمالية ويمتزج فيها الشعر بفعل المقاومة.
 
ضم الكتاب نصوصا تعود إلى 26 شاعرا، من بينهم شاعر فلسطيني، وجرى إطلاقه الليلة الماضية في احتفال بمقر دار ميريت للنشر في القاهرة.

وقال الناشر محمد هاشم مدير دار ميريت "الكتاب هو صورة من صور تأكيد التضامن مع شعب فلسطين. نقدم الكتاب بديلا عن البكاء، فبعد ما يزيد على شهرين (على بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة) وجدنا أنه لا يكفي أن يكون البكاء هو وسيلتنا الوحيدة".

وأضاف "لم أعد في هذا العمر (66 عاما) قادرا على التظاهر من أجل غزة كما كنت أفعل في شبابي".

وردا على سؤال حول كيفية اختيار نصوص الكتاب، قال هاشم "وجهت نداء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أطلب من الشعراء المساهمة في الكتاب، ووجدت استجابة سريعة لشعراء من مصر واليمن والجزائر وتونس، كما تواصلت معي من فلسطين الأكاديمية نجاة عبد الحق وكانت موجودة في غزة وعرضت تقديم نصوص لبعض الشعراء هناك".
 
وذكر الباحث نبيل عبد الفتاح، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ومقدم الكتاب، خلال الاحتفالية "أحداث غزة تكشف الانهيار الأخلاقي للقيم الغربية التي كانت تزعم أنها مؤسسة على الحرية".

وتساءل قائلا "أين هي اللغة القادرة بمجازاتها على حمل جثث الأطفال أو من خرجوا من تحت القصف بلا عائلة؟".

ووصف السرديات المنشورة حول الحرب الإسرائيلية بأنها مشحونة بالغضب، وقال "تبدو عاجزة في غالبيتها لأنها تنطلق من حالة وفعل المشاهدة، ومصدرها وسائل التواصل الاجتماعي المقيدة"، مؤكدا أنها سرديات انطباعية محمولة على العجز وتعكس حالة من الاسترخاء المفعم بالتوتر والغضب "لكنها بعيدة عن إدراك المأساة وشعرية الجحيم الأرضي في غزة".

وأضاف "الشعر واللغة هي وحدها القادرة على حمل ما نتابعه عبر الشاشات، فاللغة هي مسكن الوجود ولذلك نحن إزاء شعرية اللحظة البصرية".

* مختلف أشكال الكتابة الشعرية

استعرض مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسة والاستراتيجية بعض نصوص كتاب (ما قالته غزة)، موضحا أن التجربة الشعرية التي تعكسها نصوص الكتاب "لا تستند على المعايشة المباشرة باستثناء ما خرج من جحيم الحرب، بينما تعتمد نصوص الشعراء المصريين على التمثيل البصري للفوتوغرافيا والفضائيات".

وقال "نحن في الكتاب إزاء أثر حركية شرائط البث في التجربة الشعرية، لذلك تظهر بعض مفردات اللغة الرقمية التي تعكس حالة الدراما الشعرية في القصائد، ومعها استدعاءات الشعراء من رأس مالهم اللغوي والمجازي في بناء القصيدة".

وضم الكتاب نصوصا لشعراء بارزين يمثلون مختلف الأجيال في مصر، كما ضم مختلف أشكال الكتابة الشعرية من القصيدة العمودية مررا بشعر التفعيلة وقصيدة النثر، كما تجاور شعراء الفصحى مع شعراء اللهجة العامية المصرية.
  
ويحفل الكتاب في تصميمه الداخلي بعدد كبير من التصميمات للفنان أحمد اللباد الذي تولى التصميم والإخراج الداخلي واعتمد على بعض المفردات التشكيلية التي أفرزتها الحرب الإسرائيلية على غزة، وعلى رأسها "شريحة البطيخ".

وقال اللباد "يصعب العثور على كلام بعد (ما قالته غزة) كما أننا نشكرها لأنها تدافع عن أممنا، ولا تدافع عن أبنائها فقط، بل تدافع عن الإنسانية كلها".

وشدد على أن كل من عملوا في هذا الكتاب يشعرون بالفخر "لأنهم وجدوا أخيرا ما يستطيعون تقديمه في هذا الظرف الصعب".

وقالت الشاعرة غادة نبيل إنها طاردت الناشر طويلا "لكي لا تفوتني فرصة المشاركة في الكتاب مهما كان الشكل الفني الذي تظهر به القصيدة، كما أردت التحرر من الأعباء النفسية التي تطاردني منذ أن بدأت الحرب".

وأضافت "قاومت كثيرا طلب كتابة قصائد عن غزة لأنني قاومت طيلة مسيرتي الشعرية كتابة القصائد السياسية المباشرة".

وتابعت قائلة "تذكرت أن الشاعر الراحل حلمي سالم طلب منا بعد انتفاضة يناير 2011 (في مصر) أن نعبر عما نشعر به، وبعد أن انتهى من كتابة ديوان كامل صرخ فينا 'هذا هو الواجب، فليأت إذن دور الشعر'. ما كتبته وغيري من الشعراء هو تعبير عن الغضب، كما يعكس  الشعور بالواجب الذي تسقط معه الاعتبارات الفنية أحيانا".