عدم تدريس اللغة الأمازيغية في الجامعات يثير مخاوف المتحدثين باللغة في المغرب
(وكالة أنباء العالم العربي) - على الرغم من اعتراف المغرب بالأمازيغية لغة رسمية واستخدامها على لافتات الطرق والمباني الحكومية، فإنها بالكاد تدرس في الجامعات.
ويثير عدم تدريس الأمازيغية في بعض الجامعات المغربية مخاوف النشطاء الأمازيغ الذين يرون أن تدريسها هو حق ثقافي ووطني ويجب أن يكون جزءا أساسيا من النظام التعليمي لتعزيز الهوية الأمازيغية وحمايتها من التهميش.
وتعمقت المخاوف بعد أن صنفت مدرسة للترجمة في طنجة الأمازيغية لغة أجنبية في إعلان لأحد برامجها الدراسية، وهو ما استدعى ردا من وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي.
وأكد الوزير خلال جلسة برلمانية الشهر الماضي أن وزارته ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لعدم تكرار هذا الخطأ مستقبلا. وقدمت مدرسة الملك فهد للترجمة التابعة لجامعة عبد الملك السعدي في طنجة اعتذارا، وأقرت بوقوعها في "خطأ غير مقصود".
وقال الناشط الأمازيغي عبد الله بوشطارت عضو مجموعة (الوفاء للبديل الأمازيغي) إن عدم إدراج دراسة الأمازيغية في عشر جامعات مغربية وعشرات المعاهد العليا والمدارس "يكرس التمييز اللغوي بالمغرب وعدم المساواة بين اللغتين الرسميتين".
وأبلغ وكالة أنباء العالم العربي (AWP) "عدم إدماج تدريس اللغة الأمازيغية بالجامعات المغربية يعد شكلا من أشكال التمييز في حق الأمازيغية، وتقييدا لحقوقها الدستورية".
وعبر بوشطارت عن أسفه إزاء ما أسماه "تحيز الحكومة المغربية إلى اللغة العربية".
وأضاف "بكل صراحة الحكومة تصرف الملايين على تدريس العربية وعلى سياسة التعريب، وتحرم الأمازيغية من أبسط حقوقها ولا تعتبرها لغة الوظيفة والإدارة ولغة الارتقاء الاجتماعي".
وفي العام الماضي، أطلقت الحكومة المغربية مبادرة لتعزيز استعمال اللغة الأمازيغية في إداراتها، وتسهيل وصول الناطقين بها إلى الخدمات العامة.
وأصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس قرارا في مايو أيار من العام الماضي باعتبار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية وطنية مدفوعة الأجر على غرار رأس السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية.
لكن على الرغم من اعتبار الأمازيغية لغة رسمية في دستور جديد وضع في 2011، لم يُنشر قانون يحكم استخدامها حتى عام 2020.
وبحسب باحثين في الشؤون الأمازيغية، يعود إقصاء الأمازيغية من بعض الجامعات المغربية إلى الأولويات الأكاديمية. وتعتبر بعض الجامعات أن هناك أولويات أكاديمية أخرى أكثر أهمية لبرامجها الدراسية، مما يجعل الأمازيغية ليست ضمن أولوياتها.
وعزا خبراء عدم تدريس الأمازيغية في الجامعات المغربية إلى تحفظات ثقافية لدى بعض إدارات الجامعات أو السلطات المحلية، والمخاوف من تعزيز الانقسامات الثقافية، فضلا عن نقص البرامج التدريبية لإعداد المدرسين المؤهلين لتدريس اللغة.
وقال لحسن أمقران الباحث في الشؤون الأمازيغية بجامعة محمد بن عبد الله في فاس "لا يعقل أن تُحرم الأمازيغية وهي صلب الهوية من الجامعة، وإدراجها يعني التزام الدولة بما تعاقد عليه المغاربة في الدستور المغربي وما وقعت عليه الدولة المغربية في المواثيق والمعاهدات الدولية".
وأضاف أمقران أن تدريس الأمازيغية في الجامعات "يعني حتما مساعدة المغاربة على معرفة هويتهم الحقيقية، والتشبث بها والافتخار بها".
ورفض أمقران إلقاء اللوم على نقص مدرسي الأمازيغية في عدم تدريسها بالجامعات.
وقال "منذ إدراج الأمازيغية في الجامعات المغربية عام 2007، تخرج عدد كبير من هؤلاء الطلبة الذين اختاروا الأمازيغية، غير أن المشكلة تكمن في هاجس الخوف لدى بعض المسؤولين في الجامعات من الانفتاح على هذه الدراسات".
لكن محمد لروز، عميد كلية الآداب في جامعة مولاي إسماعيل في مكناس، وهي جامعة لا تدرس الأمازيغية، فيعتقد أن النقاش الذي يروج له دعاة تدريس الأمازيغية، ومن بينهم أساتذة جامعيون، ليس الهدف منه تدريسها أكثر مما هو رغبة في إثارة الجدل.
وقال لروز لوكالة أنباء العالم العربي "إذا ما كانت لديهم رغبة حقيقة في إدراج الأمازيغية في الجامعات التي لا تدرس بها، على الأساتذة تقديم طلب في هذا الشأن، وسينظر إليه بعد أن يسلك العديد من المراحل الإدارية".
وأوضح لروز قائلا إن وضع مناهج لدراسة الأمازيغية يبدأ أولا من هيئة التدريس وليس إدارة الجامعة، مشيرا إلى أن دور الإدارة تشجيع هذا الطلب.
وأضاف "على الأساتذة تقديم مشروعهم وإذا تمت الموافقة عليه يرسل إلى مجلس الجامعة ثم إلى وزارة التعليم العالي وبعدها إلى الوكالة الوطنية لتقييم وضمان جودة التعليم العالي والبحث العلمي التي لها الكلمة الأخيرة".
وتابع قائلا "إذا ما نظرنا إلى الأمر من الناحية الشخصية، أنا أمازيغي وأتحدث الأمازيغية بطلاقة، فكيف لي أن أرفض تدريسها بالجامعات؟
"وبالتالي ما يقال عن أن عمداء أو رؤساء الجامعات لديهم تخوف من إدراجها بالجامعات هي اتهامات فارغة".
وبحسب نشطاء أمازيغ، انخفض عدد الأطفال الذين يتعلمون الأمازيغية من 14 بالمئة في 2010 إلى تسعة بالمئة في العام الماضي على الرغم من تدريسها في بعض المدارس.