بي.إم.آي تتوقع مزيدا من التقلب لسعر صرف الجنيه المصري بين 47.9 - 49.5 للدولار في الفترة المتبقية من 2024
(وكالة أنباء العالم العربي) - توقعت بي.إم.آي، مؤسسة البحوث التابعة لفيتش سوليوشنز، أن يصبح سعر صرف الجنيه المصري أكثر تقلبا خلال الفترة المتبقية من 2024، على أن يتم تداوله في نطاق بين 47.9 و49.5 جنيه للدولار.
ويمثل ذلك خفضا لتقديرات سابقة لبي.إم.آي لسعر صرف الجنيه المصري، إذ كانت ترى لفترة طويلة أن الجنيه سيتداول صعودا وهبوطا قرب 47.5 جنيه للدولار ضمن نطاق بين 46.5 و48.5 للدولار.
وقالت بي.إم.آي في مذكرة بحثية اطلعت عليها وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إنه بينما من الممكن أن يسجل الجنيه اختراقات مؤقتة لتلك المستويات بسبب المخاطر الجيوسياسية القائمة، فإنها تعتقد أن السلطات المصرية ستتدخل لدعم العملة ومنع حدوث تقلبات كبيرة لسعر الصرف.
وأضافت أنه باعتقادها سيكون من الصعب على الجنيه أن يعوض الخسائر التي تكبدها في الأمد القصير، إذ أن المخاطر الجيوسياسية ستظل مرتفعة ما يحد من مجال تعزيز قوته.
وأضافت أنه منذ "الهجوم المزدوج الذي شنته إسرائيل في 30 و31 يوليو تموز على بيروت وطهران، وخطر اندلاع حرب أوسع نطاقا في الشرق الأوسط زاد لأعلى مستوياته منذ أكتوبر تشرين الأول 2023".
وقالت إن هذا تسبب في انخفاض الجنيه اثنين بالمئة من 48.33 للدولار في 29 يوليو تموز إلى 49.28 للدولار في الثامن من أغسطس آب. وأشارت إلى أن الجولة الحالية من التوترات حدثت في سياق من تقلب السوق العالمية مما تسبب في المزيد من الضغط على الجنيه المصري بسبب نزوح تدفقات المحافظ الاستثمارية.
وذكرت أنه بينما تحسنت قليلا عقود مبادلة مخاطر الائتمان المصرية لأجل خمس سنوات والعقود الآجلة غير القابلة للتسليم للعملة وستواصل ذلك على الأرجح في الأمد القصير، فإن المخاطر الجيوسياسية المرتفعة ستحول دون عودة تقييم المستثمرين للمخاطر إلى وضعه الطبيعي، والعملة من التحسن إلى المستويات المسجلة قبل 30 يوليو تموز.
استمرار المخاطر
من ناحية أخرى، أبقت بي.إم.آي على توقعاتها بأن الحرب في غزة، والاضطرابات التي تلتها في البحر الأحمر والصراع مع حزب الله على الحدود بين إسرائيل ولبنان ستستمر في النصف الثاني من 2024، مما يجعل المنطقة عرضة لاشتعال نوبات من المخاطر الشديدة.
وأضافت أن المخاطر الجيوسياسية تتسبب في إثارة القلق بين مستثمري المحافظ من انتقال تداعياتها إلى مصر ونشوب حرب أوسع نطاقا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأضافت أنه في أبريل نيسان 2024، بلغت حيازات الأجانب من أذون الخزانة المصرية المقومة بالعملة المحلية بتاريخ استحقاق أقصاه 12 شهرا قرابة 35.6 مليار دولار بما يعادل 47.5 بالمئة من إجمالي أذون الخزانة وما يعادل 91.2 بالمئة من احتياطيات مصر من النقد الأجنبي البالغة 46.5 مليار دولار في يوليو تموز 2024.
بالإضافة إلى ذلك، وباستخدام سعر الصرف الفوري، فإن ما قيمته 4.5 مليار دولار تقريبا من أذون الخزانة، التي يحوزها مستثمرون محليون وأجانب، يحل أجل استحقاقها شهريا بين أغسطس آب وديسمبر كانون الأول 2024 ما يجعل مصر منكشفة على مخاطر كبيرة لإعادة تدوير التمويلات ونزوح رأس المال.
احتمال محدود للارتفاع
من ناحية أخرى، قالت بي.إم.آي إنها ترى احتمالا محدودا لارتفاع الجنيه طالما استمرت الحرب في غزة واضطرابات الملاحة في البحر الأحمر. وأوضحت أن مصر تخسر ما لا يقل عن 400 مليون دولار شهريا من عائدات قناة السويس منذ بدء اضطرابات الملاحة في البحر الأحمر في ديسمبر كانون الأول 2023. كما أن قطاع السياحة المصري يعاني بسبب التوترات حول الحدود بين مصر وغزة.
وأضافت أن الاحتمال المحدود لارتفاع العملة المصرية والمخاطر الجيوسياسية القائمة من شأنها أن تثني مستثمري المحافظ عن شراء أذون الخزانة المصرية وستتطلب أن ترفع السلطات العائد أكثر على الإصدارات الجديدة مثلما حدث في الأشهر الأخيرة. وأضافت أن لذلك تبعات سلبية على المركز المالي ومستويات دين البلاد.
فضلا عن ذلك، ترى بي.إم.آي أن السلطات المصرية حريصة على السماح لسعر الصرف بالتقلب لأن هذا كان أحد متطلبات برنامج صندوق النقد الدولي، والذي سيخضع للمراجعة في منتصف سبتمبر أيلول.
ومع ذلك، ترى بي.إم.آي أن السلطات ستواصل التدخل لمنع التقلبات الحادة في سعر الصرف، وأن بمقدورها دعم العملة في حالة حدوث صدمات متوسطة في الأمد القصير إذ أن احتياطي النقد الأجنبي بلغ مستوى قياسيا مرتفعا عند 46.5 مليار دولار في يوليو تموز الماضي ما يغطي واردات البلاد لنحو سبعة أشهر ونصف الشهر.
2025
وفي العام القادم، تعتقد بي.إم.آي أن سعر صرف الجنيه سيتراجع اثنين بالمئة إلى 49.67 للدولار بحلول نهاية العام.
وأضافت أن العملة الأضعف ستعكس بشكل رئيسي الاجتياجات التمويلية الخارجية الكبيرة لمصر، بما في ذلك عجز تجاري كبير ومستوى مرتفع من سداد فواتير الديون. وأضافت أن ضعف العوامل الأساسية للبلاد، مثل اتساع العجز المالي بشكل أكبر وارتفاع مستوى الدين، سيضغط أيضا على العملة.
وأضافت أن مثل تلك العوامل ستبدد وأكثر تأثيرات أسار الفائدة الرئيسية الحقيقية الإيجابية والفارق الأعلى في أسعار الفائدة الحقيقة مع الولايات المتحدة.
سيناريوهات بديلة
من ناحية أخرى، قالت بي.إم.آي إنها وضعت تصورين بديلين للجنيه المصري في ظل تقلب الأوضاع الأمنية بالمنطقة.
وأوضحت أن التصور الإيجابي يتمثل في خفض سريع للتصعيد مثل إعلان وقف إطلاق النار في غزة ما سيسبب صدمة إيجابية للجنيه المصرية عبر تمهيد الطريق لرجوع الملاحة في البحر الأحمر إلى طبيعتها وتهيئة اتجاه صعودي لقطاع السياحة. وأضافت أن ذلك سيؤدي لارتفاع سعر صرف الجنيه إلى نطاق التداول السابق الذي كانت تتوقعه عند 46.5 إلى 48.5 للدولار.
وأضافت أنها تعتقد أن السلطات ستتجنب المزيد من ارتفاع سعر صرف الجنيه وستمنح الأولوية لجمع النقد الأجنبي بالنظر إلى فاتورة الواردات الكبيرة لمصر وكذلك متطلبات سداد ديونها المرتفعة.
وقالت شركة الأبحاث إن التصور السلبي يتمثل في تصاعد الجولة الحالية من التوتر بين إسرائيل وما يطلق عليه "محور المقاومة"، وفي هذه الحالة سيتراجع الجنيه إلى 49.5 للدولار وربما يصل إلى 55 جنيها للدولار في الأمد القصير.
وأضافت أن نزوح تدفقات المحافظ سيؤدي إلى عودة صافي مركز الأصول الأجنبية لدى البنوك إلى تسجيل مستوى سلبي، وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي.
وقالت إن نشاط السوق الموازية سيتزايد بشكل كبير في هذه الحالة متوقعة أن ترى فجوة آخذة في الاتساع بين سعري الصرف الرسمي وفي السوق الموازية.