محللون يرون تناقضا بين خطاب نتنياهو بالكونغرس وتصريحات عن صفقة غزة
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي، واشنطن، الولايات المتحدة (الأربعاء 24 يوليو تموز 2024)
  • القدس

  • الجمعة، ٢٦ يوليو ٢٠٢٤ في ٨:٣٨ ص
    آخر تحديث : الاثنين، ٢٩ يوليو ٢٠٢٤ في ٥:٣١ ص

محللون يرون تناقضا بين خطاب نتنياهو بالكونغرس وتصريحات عن صفقة غزة

(وكالة أنباء العالم العربي) - يرى محللون ومختصون بالشأن الإسرائيلي أن الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأميركي جاء مناقضا لكافة التصريحات التي أُدلي بها في الآونة الأخيرة، والتي كانت توحي بقرب التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل المحتجزين.

ففي كلمته أمام الكونغرس يوم الأربعاء، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي على أن القتال في قطاع غزة "مستمر حتى تحقيق النصر الشامل والكامل"، دون أن يتطرق خطابه إلى الصفقة المنتظرة.

وفيما يتعلق برؤيته بشأن اليوم التالي للحرب، قال نتنياهو إنه يسعى إلى أن يكون قطاع غزة "خاليا من السلاح والتطرف"، داعيا الولايات المتحدة إلى الوقوف مع إسرائيل حتى تحقق أهدافها.

يُعد نتنياهو الشخصية السياسية الأجنبية الأكثر ظهورا أمام الكونغرس الأميركي، إذ أن تلك هي المرة الرابعة التي يُخاطب فيها الكونغرس متفوقا في عدد خطاباته على جميع القادة الأجانب.

يرى المحلل السياسي إبراهيم حبيب، المختص في الأمن القومي، أن خطاب نتنياهو جاء ليعطي المشهد الحقيقي برفضه إبرام أي صفقة أو وقف الحرب على قطاع غزة، واصفا إياه بأنه "تكريس لرؤية اليمين الإسرائيلي المتطرف"

وقال حبيب لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن حديث نتنياهو "كشف حقيقة الذرائع التي كان يصدرها بأن الحكومة ستنهار إذا كانت هناك صفقة من خلال تحججه بسموتريتش وبن غفير، ليتبين بعد ذلك أن هذا مشروعه الخاص الذي يعتبر الأكثر تطرفا منهم"، في إشارة إلى وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن القومي إيتمار بن غفير اللذين هددا بالانسحاب من الحكومة إذا قبلت اقتراح الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف الحرب في غزة.

وأوضح أن نتنياهو له دوافعه في ذلك "كونه يشعر أنه سيخسر مستقبله السياسي، بالإضافة إلى أن الإدارة الأميركية لا تريد أن تضغط عليه ولا تستطيع أن تتخلى عن إسرائيل في ذات الوقت، وهذا يعطي رؤية وفسحة أكبر لنتنياهو".

وتابع "الأكثر من ذلك أن اليمين الأميركي الصهيوني الذي يتسيد مجلس النواب ومجلس الشيوخ والذي صفق لنتنياهو أكثر من 80 مرة خلال 22 دقيقة يعطي صورة واضحة بأن الجرائم التي تُرتكب تكون بمباركة الولايات المتحدة".

ويقول المحلل السياسي إن نتنياهو يلعب دورا بارزا في إفشال الصفقة مع حماس بالحديث عن ضرورة استسلام الحركة، معتبرا أن ذلك من شأنه تعقيد الصفقة ويوحي بشكل واضح أن رئيس الوزراء ليس لديه نية حقيقية في إبرامها.

وهون حبيب من شأن زيارة رئيس المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) وليام بيرنز المرتقبة في الأسبوع المقبل لبحث اتفاق وقف إطلاق النار، فقال "سبق أن جاء وليام بيرنز للشرق الأوسط ثلاث مرات قبل ذلك وشارك مباشرة في المفاوضات التي أفشلها نتنياهو".

واستطرد قائلا "نتنياهو بإمكانه أن ينجز الصفقة في وقت قصير في حال أعطى الوفد المفاوض المساحة من الصلاحيات التي تمكنه من إنجاز الصفقة، لكنه يعطي الوفد تعليمات للمفاوضات دون أن يمنحه القدرة على اتخاذ قرار لإبرام صفقة".

"فقاعة"

يؤكد عاموس هرئيل المحلل العسكري في صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية على أن هناك فرقا بين الطابع الاحتفالي الذي حاول مكتب نتنياهو إضفاءه على خطابه بالكونغرس وبين ردود الفعل في إسرائيل والولايات المتحدة.

فيقول هرئيل "بحسب الاستطلاعات، بالإمكان الاعتقاد أن معظم الجمهور مهتم أكثر بمسألة متى ستنتهي الحرب ومتى سيحرر المخطوفون من أسر حماس. وبالنسبة للأميركيين، فإن معركة انتخابات الرئاسة العاصفة تهمهم الآن أكثر بكثير من زيارة زعيم دولة صغيرة في الشرق الأوسط".

وأضاف "نتنياهو يتقن فن الخطابة وخاصة باللغة الإنجليزية، لكن السؤال الحقيقي هو ما إذا كان هذا الإعجاب الكبير به (في الكونغرس)، الذي يمتنع أعضاء الجناح التقدمي في أوساط الديمقراطيين المشاركة فيه، سيترجم إلى مواصلة التأييد الفعلي لإسرائيل لفترة طويلة".

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي نهاد أبو غوش مع حبيب بأن تصريحات نتنياهو جاءت متناقضة مع المشهد في الفترة الأخيرة والذي يوحي بقرب إبرام صفقة تبادل المحتجزين.

وقال غوش لوكالة أنباء العالم العربي "نتنياهو لم يأت على ذكر الصفقة خلال حديثه على الإطلاق، وكانت هذه ثغرة جدية، فهو يريد من الخطاب أهدافا معينة أبرزها أن يرمم صورته المتصدعة ويستعيد مكانته كرجل دولة أمام الجمهور الإسرائيلي بالدرجة الأولى والمجتمعين الأميركيين".

وتابع "كان خطابا مليئا بالأكاذيب، وركز في كلمته على مخاطبة الغرائز والمشاعر الأميركية وأحلام العظمة والغطرسة، وقد ذهب إلى الكونغرس وهو يعاني من فقدان الدعم الإسرائيلي له، فهناك ما يقارب من أربعة أخماس الإسرائيليين لا يؤيدون خطواته السياسية ولا طريقته في إدارة الحرب".

ويؤكد غوش على أن نتنياهو "كرّس هذا الخطاب لمحاولة تثبيت صورته كزعيم أمام المجتمع الإسرائيلي، فشتان بين صورته أثناء الخطاب وبين ما ظهر عليه خلال المرات الثلاث الماضية".

وحول تأثير خطاب نتنياهو بالكونغرس على المرحلة القادمة، يقول أبو غوش إن "أثر خطابه مثل أي فقاعة، تعمي الأبصار لدقائق وسرعان ما يتبدد أثرها وخصوصا مع استمرار الاحتجاجات الإسرائيلية التي وصلت إلى واشنطن، حيث تظاهر عدد من أهالي الأسرى واقتحموا الكونغرس وتم اعتقال بعضهم، بالإضافة إلى مقاطعة واسعة للخطاب من قِبل أعضاء في الكونغرس".

ويرى المحلل السياسي أن الخطاب لم ينجح في إعادة تلميع صورة نتنياهو وبقيت كما هي بفعل العوامل الميدانية، لافتا إلى أن رئيس الوزراء أجّل سفر الوفد المفاوض إلى ما بعد لقائه مع الرئيس بايدن وسلفه دونالد ترامب، وهذا ما يؤكد أنه يستغل الصفقة كأداة للمساومة ولحسابات سياسية وفئوية وليس مهموما بمصالح المحتجزين الإسرائيليين وأهاليهم.

صيغة نتنياهو

يشير غوش إلى أن هناك تسريبات من أكثر مصدر عن أن نتنياهو يريد بدء إبرام الصفقة في أغسطس آب المقبل بحيث تمتد إلى مرحلة تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة في حال فوزه في الانتخابات المقررة في نوفمبر تشرين الثاني القادم، منوها بأن الظروف بالنسبة للجميع قد نضجت لإبرام الصفقة وبقيت بعض التفاصيل الصغيرة التي لن تعيقها.

ويقول "خلال هذه الفترة، يكون نتنياهو مرتاحا من محاولات حجب الثقة وتهديدات فك الحكومة بسبب إجازة الكنيست، ثم انشغال الإدارة الأميركية بالانتخابات، وبالتالي يتحرر من الضغوط".

أما عصمت منصور المختص بالشأن الإسرائيلي فيرى أن نتنياهو خفّض سقف التوقعات والآمال فيما يتعلق بالصفقة، وتحدث بنوع من "الغطرسة الاستعمارية وكأنه منتصرا ويريد أن يفرض شروطه مطالبا حماس بالاستسلام وغيره".

وقال منصور لوكالة أنباء العالم العربي "مخططات نتنياهو ورؤيته لغزة مختلفة كليا عما يحاول الآخرون تفسيره، فهو يريد غزة منفصلة عن الضفة بشكل مطلق ودائم ومنزوعة السلاح، مع إدارة خاضعة لإسرائيل تتولى الشؤون المدنية وهو يتولى الشؤون الأمنية".

وتابع "هذه الصيغة التي يحاول نتنياهو طرحها لن تقبل بها المقاومة، الأمر الذي سيعطيه مبررا لاستمرار الحرب... أخشى أن ينجح نتنياهو في الاكتفاء بالمرحلة الأولى من الصفقة، فمن الواضح أنه لا يريد التقدم بخطوة إضافية تجاه المراحل التالية".

ويختتم منصور حديثه بالقول إن جهود نتنياهو تتمثل في توجيه كل الضغط والزخم الموجود من أجل إنجاز صفقة تحقق له مرحلتها الأولى "أكبر قدر من المكاسب وأقل قدر من الأثمان بإعادته أكبر عدد من الأسرى".

وفي مايو أيار الماضي، أعلن الرئيس الأميركي عن خطة من ثلاث مراحل لإنهاء الحرب، وقال إن المرحلة الأولى من المفترض أن تستمر ستة أسابيع وتشمل وقفا شاملا لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالقطاع وإطلاق سراح محتجزين من النساء وكبار السن والجرحى مقابل الإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين.

ووفقا لبايدن، سيعود الفلسطينيون في هذه المرحلة إلى منازلهم في كافة أنحاء غزة، وستزداد المساعدات الإنسانية إلى 600 شاحنة يوميا. وتشمل المرحلة الأولى أيضا محادثات بين إسرائيل وحماس للوصول إلى المرحلة التالية التي من المفترض أن تتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن وانسحاب إسرائيل بالكامل من القطاع.