"ارتفاع ملحوظ" في معدلات الجريمة بالعراق رغم الاستقرار الأمني.. والاقتصاد المتهم الرئيسي
(وكالة أنباء العالم العربي) - على الرغم من حالة الاستقرار الأمني العام وتراجع العمليات "الإرهابية" في العراق خلال السنوات القليلة الماضية، فقد أظهرت إحصاءات ارتفاع معدلات الجرائم الجنائية في البلاد.
وفيما يعزو مسؤولون "الارتفاع الملحوظ" في معدلات الجرائم مؤخرا إلى أسباب على رأسها البطالة والفقر وكذلك انتشار المخدرات، يشير مسؤول بوزارة الداخلية إلى انخفاض في عدد الجرائم في الأشهر الستة الأولى من العام، متوقعا انخفاضا أكبر خلال الأشهر المقبلة.
وأظهرت الإحصاءات ارتفاع عدد جرائم القتل خلال شهري يناير وفبراير من العام الجاري، إلى 46 و44 حالة على التوالي، مقارنة مع 34 و28 حالة في الشهرين السابقين، نوفمبر وديسمبر2023، على الترتيب.
كما أشارت إحصاءات صادرة عن جهات أمنية إلى تسجيل نحو ربع مليون جريمة في عام 2023 في محافظات العراق عدا إقليم كردستان، بمعدل يومي 114 جريمة خطرة، و474 جريمة جنحة متوسطة الخطورة، و25 جريمة يرتكبها أطفال وأحداث بأعمار أقل من 18 سنة.
وأفادت وزارة الداخلية العراقية بأن عدد الأشخاص المدانين بجرائم تجارة أو تعاطي المخدرات خلال العام 2023 بلغ 7397، بين أحكام بالإعدام أو المؤبد أوأحكام أخرى.
وينص القانون العراقي على معاقبة المتاجرين بالمواد المخدرة أو أي شخص ينتجها أو يزرعها بقصد المتاجرة بها في غير الأحوال التي يجيزها القانون بالإعدام أو السجن المؤبّد.
وأقر عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، ياسر وتوت، بأن هناك "ارتفاعا ملحوظا في معدلات الجريمة بعموم العراق خلال الآونة الأخيرة. فبالرغم من الاستقرار الأمني العام، إلا أن هناك جرائم مختلفة تنفذ بشكل شبه يومي في مدن عراقية مختلفة".
وأرجع وتوت في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP)، تزايد الجرائم إلى "أسباب مادية واقتصادية، بعضها مرتبط بخلافات شخصية وعائلية، والأعم الأغلب بانتشار المخدرات وتعاطيها، ما يدفع الكثير من المتعاطين لارتكاب حوادث جنائية بشعة حتى داخل العائلة الواحدة، وهي ظاهرة دخيلة على المجتمع العراقي".
وأكد ضرورة أن "تكون هناك خطوات حكومية عملية للحد من هذه الجرائم، من خلال زيادة النشاط ضد تجار المخدرات، فهذه الآفة تقف كسبب رئيسي لارتكاب الكثير من جرائم القتل البشعة".
الفقر والبطالة
وفي السياق نفسه، يرى العضو السابق بالمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق علي البياتي، أن "ارتفاع مؤشرات الجرائم في العراق كالقتل أو السرقة له أسباب واضحة ومعروفة لدى الجميع، منها زيادة نسبة الفقر والبطالة خاصة بين أوساط شريحة الشباب، وزيادة نسبة تعاطي المخدرات".
وأوضح البياتي في حديث لوكالة أنباء العالم العربي قائلا "الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها بعض الشباب تدفع الكثير منهم نحو ارتكاب الجرائم، ولهذا نرى أن كل الجرائم أهدافها مادية، وكذلك خلافات شخصية من أجل الأموال. إضافة إلى ذلك، غالبا ما يتبين أن وراء ارتكاب الجرائم أشخاص يكونون تحت تأثير المخدرات، وهذا مؤشر جديد وخطير في المجتمع العراقي".
ويعتقد البياتي أن "معالجة هذا الأمر يجب أن تبدأ من خلال توفير فرص عمل للشباب والقضاء بشكل حقيقي على نسبة الفقر والبطالة، ومن شأن هذا أن يسهم فعليا في خفض نسبة الجرائم، لكن حتى الآن لم نر أي اهتمام حكومي حقيقي بهذا الملف، بل هناك ارتفاع مستمر وغير معلن في نسبة الفقر والبطالة في عموم المدن والمحافظات العراقية".
وأظهر مؤشر الجريمة المنظمة العالمي ارتفاع تصنيف العراق على مؤشر الجريمة خلال عام 2023 مقارنة مع عام 2021، حيث جاء العراق في المرتبة الثامنة عالميا والمرتبة الثانية في قارة آسيا.
وبرغم ذلك، نفى المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد مقداد ميري، وجود ارتفاع بمعدلات الجرائم في البلاد "بل على العكس، هناك انخفاض ملحوظ وواضح بهذه الجرائم خاصة في الأشهر الستة الأولى من هذه السنة".
وأضاف ميري لوكالة أنباء العالم العربي، أن "حدوث بعض عمليات السرقة أو القتل بين حين وآخر، وتسليط الضوء عليها لا يعني أن هناك ارتفاعا في هذه الجرائم، خاصة وأن هناك جهدا أمنيا واستخباراتيا كبيرا، من خلال القبض على مرتكب أي جريمة بوقت قياسي، كما لدينا فرق تحقيقية تعمل بكفاءة عالية تمكنت من كشف وحل الكثير من الجرائم الغامضة".
واعتبر أن "تراجع نسبة الجرائم في العراق، بحسب بيانات الداخلية، يأتي بسبب الجهود الأمنية والاستخباراتية في مكافحة الجريمة المنظمة وملاحقة العصابات والأفراد الخارجين على القانون"، متوقعا أن "تنخفض نسبة الجرائم بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة، لكن هذا لا يعني عدم حصول أي جريمة سرقة أو قتل لأي سبب كان"، بحسب قوله.
وفي مايو الماضي قالت وزارة الداخلية إنها سجلت انخفاضا في جرائم القتل العمد بنسبة 29 بالمئة، ومجمل الجرائم بنسبة تسعة بالمئة خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.