الحياة الليلية في لبنان تستعيد نشاطها رغم الأزمة الاقتصادية ومخاطر الحرب
فعاليات وأنشطة ترفيهية للأطفال ضمن مهرجان الصيف في صيدا والذي يستهدف تنشيط السياحة في المدينة الساحلية رغم التوتر الحدودي والاشتباكات المتواصلة في جنوب لبنان بين جماعة حزب الله والجيش الإسرائيلي منذ عدة أشهر
  • بيروت

  • السبت، ٢٠ يوليو ٢٠٢٤ في ٥:٢٠ م
    آخر تحديث : الاثنين، ٢٢ يوليو ٢٠٢٤ في ٤:٤٢ ص

الحياة الليلية في لبنان تستعيد نشاطها رغم الأزمة الاقتصادية ومخاطر الحرب

(وكالة أنباء العالم العربي) - قبل نحو أربع سنوات، تضرر ملهى ميشال فرح في شارع الجميزة إثر انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس آب 2020، حيث تحطم زجاج المحل ومقاعده وأصيب ثلاثة من العاملين، ليكون ضمن عشرات المطاعم والملاهي التي دُمرت بشكل كامل أو جزئي بسبب الانفجار الهائل الذي ضرب شرق العاصمة.

غير أنه رغم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ نحو أربع سنوات والتي تزامنت بدايتها أيضا مع جائحة كورونا، فقد استعادت المنطقة نشاطها وفعالياتها التي أسهمت في إنعاش الحركة التجارية، وذلك رغم المخاوف من "كارثة" في حال اتساع المناوشات شبه اليومية عبر حدود جنوب لبنان بين جماعة حزب الله وإسرائيل.

ويقول فرح، الذي تمكن من ترميم محله واستئناف العمل به مجددا "أتقن عملي ولا يمكنني العمل بمكان آخر ولا بمهنة ثانية، فقررت كما غيري خلال السنوات السابقة النهوض بعملنا".

ويضيف لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "الأزمة الاقتصادية أثّرت في السنوات الأولى على عملنا، خاصة مع انتشار فيروس كورونا والإغلاق الذي شهده البلد، عوامل كانت نتائجها سلبية على القطاع بين أعوام 2019 إلى 2021".

لكنه أوضح قائلا "منذ عام 2022 تأقلمنا مع الأسعار الجديدة، والتي تبدلت بالليرة اللبنانية فقط إنما بقيّ سعرها بالدولار كما هو سابقا، لأن المشروبات معظمها مستورد من الخارج".

ويشير فرح إلى أن سعر كأس أحد المشروبات 15 دولارا، وكان سعره قبل الأزمة 22500 ليرة، أما اليوم فقد بلغ السعر نحو مليون وثلاثمئة ليرة.

ويضيف أن معظم زبائن شارع الجميزة وشارع مار ميخائيل هم من طلاب الجامعات والأجانب المقيمين في المنطقة.

عودة الحركة الاقتصادية

ويرى روي منصور، صاحب مطعم ومقهى في منطقة بدارو في بيروت، أن الملاهي الليلية والحانات والمطاعم أسهمت في تنشيط الحركة التجارية في المنطقة.

ويقول منصور لوكالة أنباء العالم العربي "عملت لجنة تجار منطقة بدارو، على تسهيل حصول الراغبين بالاستثمار في قطاع السهرات على طلبهم، ليتحول الشارع إلى ملتقى لعشرات المحال التي تنشط نهارا وليلا".

ويوضح أن رواد الملاهي الليلية خلال السنوات بين 2021 و2022، كان معظمهم من موظفي المنظمات الدولية والجمعيات المدنية الذي يتقاضون رواتبهم بالدولار ويملكون القدرة المالية على الشراء، لكن "الأمر تبدل خلال السنة الماضية وشهدنا ارتفاعا في نسبة كل الفئات تزامنا مع دولرة الأسعار".

ويضيف "كون الحانات موجودة في حيّ سكني، فنراعي الإغلاق في أوقات محددة، والانتباه لعدم رفع الموسيقى بطريقة تزعج سكان المنطقة".

وفي السياق نفسه، تقول زين عوض، عضو اتحاد النقابات السياحية وصاحبة ملهى ليلي في مدينة جبيل بشمال لبنان، إن الاستثمار في قطاع السهرات يشكل مردودا اقتصاديا لأصحاب المؤسسات وللعاملين فيها.

وتوضح لوكالة أنباء العالم العربي قائلة "عدد العاملين بقطاع المقاهي والمطاعم والملاهي يبلغ حوالي مئة ألف شخص، ويشكل طلاب الجامعات النسبة الأكبر فيهم، كونها تمكنهم من تنسيق دوامهم الدراسي وساعات العمل لتأمين مردود مالي".

وتشير إلى أن عدد المطاعم والمقاهي المسجلة يصل لنحو خمسة آلاف محل موزعة بمختلف المناطق اللبنانية، غير أن بيروت وجبل لبنان يسيطران على الحصة الأكبر منها.

وتقول زين "بعض المحال تقسم أسعارها، في أيام الأسبوع تكون منخفضة وترتفع في أيام السبت والأحد" مما يتيح خيارات متنوعة أمام رواد السهرات بما يتناسب مع قدراتهم الماليّة.

وتضيف "الملاهي ذات التكاليف المرتفعة يصل حجز الطاولة لأكثر من أربع أشخاص يوم السبت حتى حدود 900 دولار، بينما في الأقل تكلفة يكون رسم الدخول 20 دولارا".

وتقول إن فرق الأسعار يأتي نتيجة تنوع الفئات المستهدفة والضرائب وتكلفة استئجار الصالة ورواتب العاملين.

وتصف عضو اتحاد النقابات السياحية سنة 2023 بأنها كانت "نقلة نوعية في قطاع السهرات بعد فترة من الركود عانى منها بعد الأزمة المالية، وأدت إلى انخفاض عدد العاملين من 150 ألفا إلى نحو 80 ألفا، كانوا يعملون في قطاع المطاعم والمقاهي قبل عام 2019".

وتتابع "خلال العام الماضي، عادت الحركة الاقتصادية، مع عودة المغتربين وبعض الأجانب إلى زيارة لبنان، وخاصة أن التوجه لديهم سابقا كان إلى دول الجوار مثل تركيا ومصر وقبرص".

الحرب في الجنوب

ورغم الانتعاش الملحوظ، لا يخفي البعض مخاوفه من "كارثة" في حال اتساع الصراع عبر حدود جنوب لبنان بين جماعة حزب الله وإسرائيل.

وترى زين، عضو اتحاد النقابات السياحية، أن القطاع السياحي يتأثر أولا بالأوضاع الأمنية، مضيفة أنه آخر القطاعات التي تتعافى بعد الاستقرار.

وتقول "المحال في جنوب لبنان تعطلت عن العمل، إما كليّا في البلدات المعرضة للقصف أو جزئيا في المناطق البعيدة".

وتحذر من أنه "في حال اتساع الحرب ستكون كارثة علينا، لأننا منذ عام استطعنا استعادة عافيتنا".

وحول مدى تأثير الأوضاع الأمنية في الجنوب على نشاط الملاهي الليلية، يقول فرح إن التأثير دائما ما يكون في الأسابيع الأولى من الحدث "ومع الوقت واعتياد الناس على الواقع الجديد، يتأقلمون معها".

ويقول منصور أيضا "الحفلات تشكل متنفسًا، بعد نهار طويل من ضغط الأخبار، يأتون هنا للترفيه".

وتفجر قصف متبادل شبه يومي عبر الحدود بين الجيش الإسرائيلي من ناحية وجماعة حزب الله في جنوب لبنان من جهة أخرى مع بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي.

كان بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس قد ذكر في تقرير في مايو أيار أن المؤشرات الاقتصادية في لبنان تظهر بعض علامات الاستقرار، على الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي تتعرض لها البلاد.

وأضاف البنك في تقرير اطلعت عليه وكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن الاستقرار في العملة في أعقاب خفض قيمتها وتوحيد سعر الصرف العام الماضي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية الداخلية إذ تراجع مؤشر أسعار المستهلكين إلى 70 بالمئة على أساس سنوي في مارس آذار من ذروة بلغت 270 بالمئة على أساس سنوي قبل عام.

غير أنه قال إن التحديات الاقتصادية بصفة عامة لا تزال كبيرة، مشيرا إلى استمرار التأثير السلبي للحرب في قطاع غزة على تدفقات السياحة، التي انخفضت بمقدار الثلث تقريبا عما كانت عليه قبل أكتوبر تشرين الأول الماضي.