الفنانة التلقائية مريم عزمي تخطف الأضواء في معرض منتجات قريتي أخميم وحجازة بصعيد مصر
(وكالة أنباء العالم العربي) - خطفت الفنانة التلقائية مريم عزمي الأنظار بأعمالها الفنية داخل معرض منتجات قريتي أخميم وحجازة الذي تنظمه جمعية الصعيد للتربية والتنمية في حي الظاهر بوسط القاهرة، والذي يختتم موسمه غدا السبت.
وعلى الرغم من أن المعرض، الذي افتتح في نهاية الشهر الماضي، يضم أكثر من 125 لوحة من إنتاج فنانات الجمعية، فإن أعمال مريم، التي لم يسبق لها دراسة الفن بصورة أكاديمية، هي التي خطفت الأضواء.
وقالت مريم، البالغ عمرها 65 عاما، في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إنها انضمت للجمعية في مقرها بأخميم في محافظة سوهاج بصعيد مصر قبل 50 عاما، وتعلمت هناك التطريز واستخدام الإبرة على يد بعض الراهبات داخل أحد أديرة المدينة.
وتضيف بلهجة صعيدية "كانت الراهبة تأخذنا ونحن أطفال لرؤية الحقول وعمليات حرث الأرض وحصد القمح ورؤية الخبيز أمام الأفران ثم تطلب منا رسم ما شاهدناه بالطباشير على ألواح صغيرة".
وأوضحت أن الراهبة كانت لا تقوم بتعديل الرسم أو تصحيحه، بل تساعد الفتيات حتى يبلغن الوضع المناسب ثم تطلب منهن تطريزها بالإبرة على القماش.
يرى مسؤول الإعلام في جمعية الصعيد للتربية والتنمية مينا جيد أن تجربة مريم هي حصاد عمل الجمعية التي تأسست عام 1940 على يد الأب هنري عيروط، وهو راهب أنثربولوجي قام بتأليف كتاب (الفلاحون)، الذي يعد من أهم كتب فهم البيئة الريفية في مصر.
ويشير إلى أن الأب هنري عيروط زار الصعيد ولمس ما يعانيه الناس هناك، فأسس الجمعية لتقديم بعض الدعم التنموي بهدف تحسين أوضاع الناس وتنمية مهاراتهم والمساعدة على مواجهة الفقر والجهل والمرض.
وتهتم الجمعية بالفنون وتنمية المهارات، ويعد معرض فناني أخميم وحجازة أحد أبرز أنشطتها. ويوضح جيد أن الجمعية تمتلك حاليا حوالي 35 مدرسة من المدارس الأولية هناك.
وقال جيد إن اللوحات المعروضة تنتمي إلى الفن التلقائي، وهي نتاج انفعال الفنانات بالبيئة المحيطة ولا تتدخل أي عناصر خارجية. وبالإضافة إلى اللوحات الفنية المطرزة، توجد بعض قطع القماش التي يتم تطريزها وتستعمل كمفارش أو لوحات جدارية، وهي مصنوعة من القطن المصري وبعض الخامات الطبيعية المُصنعة في أخميم.
ويضم برنامج تنمية المهارات التابع للجمعية 140 امرأة.
ويشمل المعرض أيضا بعض المنتجات الخشبية التي نفذها أعضاء برنامج تنمية المهارات في قرية حجازة بمحافظة قنا في صعيد مصر.
وتشتهر حجازة بأنها قرية النجارين في قنا، وكان عمل هؤلاء يقتصر على صناعة أدوات الزراعة والطبخ والأثاث، لكن الجمعية دفعتهم إلى إنتاج أعمال لها طبيعة فنية.
ويقول بهاء فاروق، مدير مركز التدريب في حجازة، إن التجربة بدأت عام 1960 بفضل راهب فرنسي يدعى بطرس إيون، وكان من أصدقاء جمعية الصعيد، وعندما زار قرية حجازة في قنا بدأ تعليم الناس هناك فن النحت على نوع من الخشب يسمى السرسوع.
ويصف فاروق هذا النوع من الخشب بأنه شديد الصلابة ومغلق المسام كما يمتاز بوجود عروق طبيعية تعطي ملمحا جماليا لافتا. وتصنع الأقداح والأطباق وبعض أدوات المائدة والطبخ من الخشب، كما يتم نحت بعض التماثيل الصغيرة التي تجسد الأسماك والكلاب والقطط من هذه الأخشاب.
ويشير مدير مركز التدريب في حجازة إلى أن فناني المركز يقومون أيضا بعمل لوحات من الخشب مستوحاة من الفن الإسلامي والخط العربي والفن القبطي والمصري القديم بهدف تأكيد الهوية المصرية لهذه الأعمال.
وأضاف "نوازن بين البعد الجمالي في نحت الخشب ونفكر دائما في استعماله تجاريا لكي نوفر دخلا إضافيا للفنانين".
ويؤهل مركز التدريب المهني والنحت على الأخشاب التابع للجمعية الشباب من عمر 15 وحتى 35 عاما وتدريبهم على هذا الفن، مع مراعاة التزامهم التعليمي داخل المدارس والجامعات، بحسب فاروق.
وتابع قائلا "خلال عامين يتعرف الملتحق بالمركز على الماكينات ونوعية الخشب ويعمل إلى جوار معلم يقود خطواته الأولى في المهنة، بحيث يتعلم النحت واستعمال الأزاميل وتخطيط الرسوم التحضيرية".
وأردف "بعد ذلك يحدد المتدرب خياراته إما بالاستمرار مع الجمعية أو العمل بصورة مستقلة"، موضحا أن الجمعية تساعد في إتاحة الفرصة أمام المتدرب لتسويق أعماله والمشاركة في المعارض.
ويؤكد فاروق أن هذه الحرفة لم تتراجع في صعيد مصر، على الرغم مما طرأ من تغييرات "لأنها توفر دخلا ماليا ثابتا يعين الناس على تغطية التزاماتهم المالية".