العراق ينتظر حل العقدة الإيرانية لاستيراد الغاز من تركمانستان
وزير الكهرباء العراقي زياد علي فاضل (يمين) أثناء افتتاحه خط الربط الكهربائي بين العراق والأردن بمحافظة الأنبار في 30 مارس آذار 2024 – المصدر: الجهاز الإعلامي لوزارة الكهرباء العراقية
  • بغداد

  • الأحد، ٣١ مارس ٢٠٢٤ في ١:٤٦:٢٦ م
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٢ أبريل ٢٠٢٤ في ٥:٤٨ ص

العراق ينتظر حل العقدة الإيرانية لاستيراد الغاز من تركمانستان

(وكالة أنباء العالم العربي) - افتتح وزير الكهرباء العراقي زياد علي فاضل يوم السبت خط الربط الكهربائي بين العراق والأردن والذي سيغذي محافظة الأنبار، وخاصة المناطق القريبة من الحدود الأردنية، فيما تستعد بغداد لتدشين مشروع أضخم للربط ‏مع دول الخليج بنهاية العام الحالي.

وقال الوزير إن الخط، وطوله أكثر من 330 كيلومترا داخل العراق وستة كيلومترات ‏داخل الأراضي الأردنية، يُعول عليه في مرحلته الأولى بجهد 132 كيلو فولت في إنهاء معاناة أهالي قضاء الرطبة الحدودي بعد تخريب تنظيم داعش لبنيته التحتية في 2014، مشيرا إلى أن الآمال معقودة على أن يبلغ جهده 400 كيلو فولت بعد تفعيل الربط الثلاثي بين ‏العراق الأردن ومصر.‏

ولكن مع تزايد حاجة العراق إلى الغاز لتشغيل محطاته الكهربائية، ثمة اتجاه لاستيراده من تركمانستان في ظل عدم كفاية الغاز المستورد من إيران وتوقفه مع ذروة القيظ والبرد من كل عام وصعوبة الاستيراد من قطر، وإن كان خبراء يرون أن استخراج الغاز المحلي يظل الحل الأفضل.

وعلى الرغم من التفاهم المتقدم بين العراق وتركمانستان بشأن استيراد الغاز، فإن آلية الاستيراد ما زالت غامضة بسبب البعد الجغرافي واعتماد البلدين على إيران كبلد وسيط لنقل الغاز عبر أراضيها، وهو ما تتفاوض الحكومة العراقية مع نظيرتها الإيرانية لتحقيقه.

* البديل المناسب

يؤيد وزير الكهرباء العراقي السابق لؤي الخطيب الاتجاه لاستيراد الغاز من تركمانستان، وقال لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) "بما أن استيراد الغاز من قطر سيكون مكلفا وبحاجة إلى وقت طويل لإنجاز البنية التحتية اللازمة لنقله وعدم كفاية الغاز الإيراني، فإن غاز تركمانستان سيكون هو البديل المناسب".

وأضاف "الغاز التركمانستاني يعد مصدرا ثانيا للعراق بعد الغاز الإيراني، لكن التحدي الذي يواجه الاتفاق هو التفاهم مع الجانبين التركمانستاني والإيراني على معادلة سعرية متوازنة تنفع جميع أطراف الاتفاق بحكم البعد الجغرافي واللوجستيات التي تقتضي مرور الغاز التركمانستاني عبر الأراضي الإيرانية، وصولا إلى الحدود العراقية".

وأوضح الوزير السابق أن ذلك يقتضي إبرام اتفاقية لتبادل الغاز، أي زيادة استيراد إيران للغاز التركمانستاني لتغذية حاجة محافظاتها البعيدة عن حقولها الغازية في الشمال الشرقي، وتعويض العراق بحصة من غرب إيران باستخدام شبكة الأنابيب الحالية.

وتابع قائلا "هذا الاتفاق هو الأسرع في توريد الغاز إلى العراق دون الحاجة لمد خط أنابيب غاز من تركمانستان إلى العراق عبر إيران، وما يحيط هكذا مشروع من تحديات لوجستية وجغرافية وكلفة مالية باهظة، لكن تبقى إمكانية تحقق هذا الاتفاق بقبول جميع الأطراف على معادلة سعرية معقولة ومنافسة للخيارات المعروضة في الأسواق العالمية".

وكشف مصدر في وزارة الكهرباء العراقية أن "المفاوضات مع إيران تمر بمنعطف حاسم، حيث تطالب بأسعار أعلى من السعر الذي عرضته تركمانستان مقابل تمرير الصفقة".

وقال لوكالة أنباء العالم العربي "ذلك يعود إلى استخدام شبكتها من الأنابيب وأن العراق يسعى لحل هذه العقدة مع إيران والحصول على موافقتها لأن هذه الطريقة هي الأفضل له، فهي لا تكلفه إنشاء شبكة جديدة".

وكان وزير الكهرباء العراقي قد أعلن في وقت سابق من الشهر الحالي توقيع اتفاقية مع تركمانستان لاستيراد 20 مليون متر مكعب من الغاز والتفاوض مع إيران لاستخدام شبكتها في نقل تلك الكميات من أجل تأمين تغذية مستمرة بالغاز في حال وقف الغاز الإيراني.

من جهته، أشار عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان العراقي علي اللامي إلى أن "الغاز التركمانستاني الذي ينوي العراق استيراده قريبا سيسد حاجة ست محطات بنسبة 100 بالمئة، وهذا الهدف من الاتفاق مع الإبقاء على استيراد الغاز من إيران لسد احتياج كامل المحطات".

وأضاف اللامي "الحكومة تعمل على إيجاد حلول حقيقية وواقعية لأزمة الكهرباء خصوصا في فصل الصيف، فهناك تراجع كبير في كمية الغاز الإيراني المستورد خلال هذا الفصل، ولذا فإن العراق بدأ يبحث عن بدائل عن الغاز الإيراني واتجه إلى تركمانستان لسد جزء كبير من هذه الأزمة".
 
ويستورد العراق أكثر من تسعة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي من إيران سنويا، متصدرا بذلك الدول المستوردة للغاز من جارته.

وقالت وزارة الكهرباء العراقية في بيان الأسبوع الماضي إنها أبرمت عقدا مع شركة الغاز الوطنية الإيرانية لاستيراد الغاز بمعدل يصل إلى 50 مليون متر مكعب يوميا لمدة خمس سنوات، وذلك لصالح إدامة زخم عمل محطات الإنتاج ومواكبة ذروة الأحمال والطلب المتزايد على الكهرباء لحين تأهيل حقوق الغاز الوطنية.

* الحل الأفضل

يرى الخبير في الشؤون النفطية حمزة الجواهري أنه رغم أن فكرة استيراد الغاز التركمانستاني جيدة لحل أزمة الكهرباء المستمرة في العراق منذ سنين، فإن الحل الأفضل هو الإنتاج المحلي.

وأوضح الجواهري قائلا إنه يُحتمل "ظهور عراقيل من قبل إيران، إذا ما شعرت بأي ضرر في مصالحها بسبب الاتفاق (مع تركمانستان) حتى يبقى العراق معتمدا على الغاز الإيراني ويبقى الملف، بالإضافة لمنافعه الاقتصادية، ملفا للضغط السياسي على العراق".

وأضاف متحدثا عن فكرة استيراد الغاز القطري "استيراد الغاز من قطر صعب جدا، فإتمام هذا المشروع يحتاج إلى ما يقرب من ثلاث سنوات حتى تكون هناك أنابيب مخصصة لنقل هذا الغاز"، مشيرا إلى أن العمل على إنتاج الغاز المحلي والاكتفاء الذاتي لن يستغرق أكثر من عام "إذا كانت هناك إرادة حقيقية وعدم عرقلة المشروع لأهداف سياسية".

وأطلقت وزارة النفط العراقية الشهر الماضي جولات التراخيص الجديدة لاستخراج الغاز، قائلة إنه خلال خمس سنوات سيتم استثمار الغاز وتصديره.

وقال الخبير الاقتصادي ناصر الكناني "(هناك) غموض في الاتفاق مع تركمانستان لاستيراد الغاز، إذ لا نعرف تفاصيله الدقيقة، وكم ستكون قيمة الصفقة، وما هي مطالب إيران حتى تسمح بنقل هذه الكمية للعراق عبر أنابيبها".

ويرى الكناني أن العراق "سيواجه صعوبة في توفير أموال الغاز في ظل العجز الذي تعانيه موازنة الدولة، ولذا يجب استغلال تلك الأموال في العمل على الوصول لمرحلة الاكتفاء الذاتي من الغاز، خاصة وأن العراق يحرق سنويا أكثر من 20 مليار قدم مكعب من الغاز المصاحب لاستخراج النفط".

وأضاف "العراق يملك مخزونا من الغاز وهناك إمكانية لأن يصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي خلال سنتين أو ثلاث، لكن هذا الأمر متوقف على وجود إرادة حقيقية لحسم الملف الذي يتم تعطيله دائما لأسباب كثيرة بينها سياسية".

وزاد إنتاج العراق من الغاز الطبيعي إلى 15 مليار متر مكعب في عام 2022 مقابل خمسة مليارات في 2013، وفق تقرير صادر هذا الشهر عن منتدى الدول المصدرة للغاز، الذي توقع أيضا ارتفاع الإنتاج إلى 55 مليار متر مكعب بحلول عام 2050.

لكن الخطيب، وزير الكهرباء العراقي السابق، فند فكرة الاكتفاء الذاتي من الغاز بالقول إن "الغاز المحلي الطبيعي والمصاحب، في حال استثماره بالكامل، لا يلبي كل حاجة العراق في ظل النمو المتزايد للسكان والحاجة المتنامية للطاقة الكهربائية".

وضرب الخطيب مثلا بالسعودية، قائلا إنها "تملك احتياطيات من الغاز بمثلي الغاز العراقي وتستثمر الغاز المصاحب بشكل جيد، ولكنها بالكاد تسد الحاجة المحلية على الرغم من أن عدد (سكانها) يقل عن في العراق بنحو 13 مليونا".