• الجزائر العاصمة

  • الأربعاء، ٢٠ مارس ٢٠٢٤ في ٤:٥٨:٠٤ ص
    آخر تحديث : الأربعاء، ٢٠ مارس ٢٠٢٤ في ٤:٥٨ ص

مع حلول رمضان.. تجدد معاناة الجزائريين في المهجر الراغبين في زيارة وطنهم

(وكالة أنباء العالم العربي) - مع كل موسم عطلات أو مناسبة دينية، تعود إلى الواجهة معاناة الجزائريين المغتربين الراغبين في زيارة وطنهم لقضاء بعض الوقت مع عائلاتهم، وهو ما تجلى هذه الأيام مع حلول شهر رمضان، حيث كثرت الشكاوى من مشاق السفر وغلاء أسعار تذاكر الطيران وظروف الاستقبال في القنصليات الجزائرية بالخارج، خاصة في فرنسا.

وتعدّ الجالية الجزائرية في فرنسا أكبر الجاليات الأجنبية هناك، بتعداد يفوق ثلاثة ملايين نسمة؛ وتمثل هذه الجالية 82 في المئة من مجموع الجزائريين المقيمين في الخارج وفق تقارير إعلامية، والذين يحن الكثيرون منهم إلى بلدهم الأصلي خاصة في المناسبات الدينية والعطل.

رمضان هذا العام تزامنت بعض أيامه مع عطلة الربيع المدرسيّة في فرنسا؛ فكانت المناسبة مواتية للكثير من الأسر المقيمة بطريقة شرعية على الأراضي الفرنسية للتخطيط من أجل قضاء بضعة أيام من الشهر الكريم وسط العائلة الكبيرة بالجزائر.

في السياق، وإدراكا منها لهذ الأمر، أعلنت السلطات الجزائرية عن تخفيضات في أسعار تذاكر الرحلات الجوية والبحرية.

وأشارت الخطوط الجوية الجزائرية، الناقل الوطني، في بيان لها إلى خفض أسعار تذاكر رحلاتها إلى فرنسا بنسبة 50 في المئة بمناسبة شهر رمضان في الفترة الممتدة بين 10 مارس آذار إلى 13 أبريل نيسان.

والأمر كذلك بالنسبة للشركة الجزائرية للنقل البحري للمسافرين، التي أعلنت أيضا عن تخفيضات بالنسبة ذاتها للمغتربين الجزائريين.

وقال مسؤول بالشركة خلال جلسة استماع في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الجزائري أواخر فبراير شباط الماضي إن التخفيضات جاءت تنفيذا لتعليمات الرئيس عبد المجيد تبون، بهدف تمكين أفراد الجالية الوطنية بالخارج من قضاء شهر رمضان والعيد مع عائلاتهم وأقاربهم.

* معاناة خفية

غير أن هذه الإجراءات والإعلانات الرسمية يراها البعض تخفي وراءها معاناة المغتربين الجزائريين التي لا يعلمها إلا من عايشها.

عبد الوهاب يعقوبي، النائب بالمجلس الشعبي الوطني الجزائري ممثلا للجالية الجزائرية بالمنطقة الأولى شمال فرنسا، عبر عن امتعاضه في منشور عبر صفحته على فيسبوك، قائلا "تؤلمني بشدة معاناة مواطنينا الذين يعيشون ظروف استقبال كارثية للقيام بأدنى الخدمات في بعض قنصلياتنا التي تئن تحت ضغط ونقص التأطير (الموظفين)، خاصة في نانتير (مدينة فرنسية)".

أضاف "لا تزال حكومتنا ووزير الجالية لم يجدوا الوقت للاستماع لنا والكف عن تسليط الإهانة على شعبنا في بلاد الناس".

وأثار يعقوبي عدة مرات تحت قبة البرلمان معاناة الجالية الجزائرية في فرنسا من تعقيد الإجراءات الإدارية وسوء الاستقبال في القنصليات والموانئ والمطارات في ظل عدم استجابة من جانب السلطات الجزائرية، وفقا لما قاله في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP).

وأوضح أنه "منذ تقريبا ثلاث سنوات، انتظر كنائب للجالية الوطنية بالخارج مجرد لقاء بوزير الجالية الوطنية بالخارج لرفع تلك الانشغالات مع اقتراحات حلول عملية لها، لكن الظاهر ليس عندهم استعداد حتى للاستماع".

وأشار النائب إلى الضغط الذي تشهده بعض الممثليات القنصلية للجزائر في فرنسا بسبب تعقيد الإجراءات ونقص عدد الموظفين الموكلين باستقبال أفراد الجالية في مختلف المصالح التي يقصدونها، مما يؤثر على مستوى الخدمات ويرسم "صورة مهينة للجزائر في بلد الغير"، بحسب وصفه.

وأضاف يعقوبي أنه يتلقى يوميا شكاوي من المغتربين، والتي جاء في إحداها أن "العقبات الكبيرة هي الجمارك؛ للأسف، أفراد جالياتنا ينتظرون ساعات كبيرة للخروج من الميناء تمتد طويلا في الانتظار والتعب".

وتابع "هناك هوة كبيرة بين الخطابات والواقع المر"، واصفا الحديث عن تسهيلات يعلن عنها الرئيس والحكومة قبل كل موسم بأنها "مجرد إعلانات، لكن الواقع المر شيء آخر".

* إرادة غائبة

ويرى يعقوبي أن المشكلة تكمن في "الإرادة السياسية التي إذا توفرت، تسهل بعدها كل العقبات".

وكانت تلك الإرادة السياسية التي تحدّث عنها النائب متوفرة، وفقا لتعليقات بعض الناشطين المغتربين في صفحاتهم على فيسبوك، أيام الحراك الذي شهدته الجزائر في فبراير شباط 2019، والذي حال دون تمديد حكم الرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز لولاية خامسة.

وجاء في أحد هذه التعليقات "أيام الحراك، كانت كل مصالحنا تقضى في ظرف قياسي لم نعهده من قبل".

ويعاني المغتربون الجزائريون من طول الانتظار في طوابير أمام قنصليتي الجزائر في نانتير وكريتاي بالعاصمة الفرنسية، الكائنتين في مناطق سكنية، وذلك تحت أنظار الفرنسيين التي ترمقهم باستغراب، حسب تعليقات بعضهم.

وقالت مغتربة جزائرية تُدعى مناعي سليمة في تعليق لها على فيسبوك "ليس الأمر يقتصر على قنصلية نانتير؛ الناس تعاني في كل مكان بكندا وإسبانيا. الإداريون لا تتم مراقبتهم ولا معاقبتهم"، بينما قالت فوزية تسنيم "ليس فقط في القنصليات، بل الوضع أسوأ على مستوى الوكالات التجارية لبيع التذاكر إن وجدت".

وأضافت فوزية "الوضع كارثي على مستوى الموانئ خاصة ميناء اليكانت (جنوب إسبانيا) أخذ سمعة سيئة أين تنزل كرامة المواطن إلى الحضيض دون الحديث عن الخدمات الرديئة وعدم مراعاة المرضى وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة".

بدورها، أشارت المغتربة رحو ليلي إلى أن ميناء مرسيليا جنوب فرنسا يشهد "وضعية اكتظاظ كارثية على مستوى شبابيك الشركة الجزائرية للنقل البحري".

وأوضحت أن الحصول على تذكرة ركوب الباخرة المتجهة إلى موانئ الجزائر قد يستغرق يومين كاملين، على الرغم من أن ثمن التذكرة الواحدة 500 يورو، بحسب قولها.

وتقول تعليقات أخرى إن شركات النقل تستغل لهفة المهاجرين الجزائريين إلى زيارة أهلهم بالجزائر في المواسم، خاصة في شهر رمضان؛ بينما أشارت صفحات أخرى إلى مشكلة إلغاء الرحلات البحرية المفاجئ وتأخيرها دون سابق إنذار.

وبحسب تلك التعليقات، فإنّ المسافرين لا يكتشفون ذلك إلا بعد الوصول إلى الميناء. وقد يقطعون مسافة من شمال فرنسا إلى جنوبها، ومنهم من يسافر إلى الموانئ الإسبانية، خاصة أليكنت، ليتفاجأ بأن موعد رحلته قد تأجّل.

ولا تنتهي معاناة المهاجرين الجزائريين بمغادرة السواحل الأوروبية، بل تنتظرهم ظروف أخرى حين يصلون إلى الموانئ الجزائرية وتواجههم التعقيدات الإدارية.

يروي أحد رواد فيسبوك، ويدعى سامي ناث بوعيشي، تجربته الأخيرة في السفر من فرنسا إلى الجزائر، قائلا "منذ أسابيع سافرت عبر الباخرة نحو ميناء بجاية، شرقي العاصمة، وبالرغم من أنها رست في ميناء بجاية على الساعة التاسعة والنصف صباحا، إلا أني لم أتمكن من مغادرة الميناء إلى غاية الساعة السابعة مساء".

* غلاء التذاكر لب المشكلة

من جانبه، قال المغترب الجزائري نور الدين عباسن، المقيم في ضواحي باريس الجنوبية، في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنه محروم من السفر إلى الجزائر رفقة عائلته منذ خمس سنوات بسبب تكلفة النقل المرتفعة.

وأوضح نور الدين أن تكلفة السفر للجزائر رفقة عائلته المكونة من خمسة أفراد إضافة إلى السيارة عبر الباخرة تصل إلى أربعة آلاف يورو.

كما يبلغ ثمن تذكرة الطائرة عبر الخطوط الجوية الجزائرية 600 يورو للشخص الواحد، وهو المبلغ الذي يقول نور الدين إنه يكفي لقضاء عطلة لمدة أسبوع في اليونان رفقة عائلته.

أما عن العروض الترويجية بمناسبة رمضان، والتي أعلنت عنها السلطات الجزائرية، فقد شكك المغترب الجزائري في فائدتها؛ وقال إن "جيراننا مثلا في تونس أو المغرب يمكنهم السفر إلى بلادهم فقط بـ 100 يورو للشخص الواحد ذهابا وإيابا".