• القاهرة

  • الثلاثاء، ٣٠ يوليو ٢٠٢٤ في ٥:١٩ ص
    آخر تحديث : الثلاثاء، ٣٠ يوليو ٢٠٢٤ في ٦:١٧ ص

مصر تسعى لإنعاش آلاف المصانع المتعثرة رغم التحديات الصعبة

(وكالة أنباء العالم العربي) - تسعى الحكومة المصرية جاهدة لإنعاش آلاف المصانع المتعثرة، في ملف وضعته على رأس أولوياتها وبات أحد أهم التحديات التي تواجه خطط النهوض بالقطاع الصناعي، الذي يتصدر قطاعات الاقتصاد من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي.

وتعمل الحكومة على تقديم تسهيلات جديدة لتشغيل المصانع المتعثرة في إطار خطة إنقاذ، بما يشمل تسهيلات مالية أو إدارية.

وأكد كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير النقل والصناعة، خلال لقاء أمس الأحد مع المستثمرين والمصنعين على ضرورة تقنين الأوضاع ومنح المصانع المتعثرة فترات سماح إضافية وإعفاءات من غرامات التأخير.

وقال الوزير أيضا "الوزارة بصدد مراجعة الموقف القانوني والمالي للمستثمرين القائمين بسداد رسوم مقدمة لجدية الحجز ولم يتم تخصيص أراض صناعية أو وحدات صناعية لهم لفترة زمنية طويلة وبحث إمكانية توفير فوائد مالية لهم وذلك حرصاً على مصلحة المستثمر".

ويولي الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتماما بملف الصناعة، حيث أكد في يناير كانون الثاني 2016، خلال ولايته الأولى، السعي للانتهاء من تنفيذ أربعة آلاف مصنع خاص بالصناعات الصغيرة.

وبلغ إجمالي الوحدات الصناعية التي أقيمت في الفترة من 2014 حتى 2023 نحو 5046 وحدة في 15 محافظة، وفقا لرئاسة مجلس الوزراء.

ويحتل القطاع الصناعي المرتبة الأولى من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي حاليا بنسبة 16 بالمئة، وتعمل الحكومة على زيادة النسبة إلى 20 بالمئة خلال الفترة المقبلة، وفقا لوزير النقل والصناعة.

وبحسب تقارير لوسائل إعلام محلية، يتراوح عدد المصانع المتعثرة بين 5 و8 آلاف مصنع، بينما أشارت تقديرات لاتحاد الصناعات إلى أن العدد يصل إلى نحو 13 ألف مصنع.

لكن محمد البهي عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات أكد أنه لا توجد إحصائيات دقيقة بعدد المصانع المتعثرة، خاصة وأنه لا يوجد جهة يمكن أن تقوم بحصر هذه المصانع، كما أن بعضها يبدو قائما ويعمل لكنه متعثر.

مشاكل مالية

وقال البهي لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن أغلب المصانع المتعثرة تعاني من مشاكل مالية مختلفة ناتجة عن ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج مع انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار.

وأوضح أنه قبل عام 2011 كانت المشاكل تتلخص في أنه في حالة تعثر أحد المصانع في سداد قسط واحد، يتم وضعه في القائمة السوداء للبنوك ولا يمكنه الاقتراض مرة أخرى مما يؤدي إلى تعثر المصانع وإغلاقها.

ومضى قائلا إنه تم حل هذه المشكلة بعد 2011 وتم حل المشكلات المتعلقة بالفوائد المتأخرة، لكن ظهرت مشاكل أخرى بسبب ثورة يناير 2011 وما نتج عن ذلك من عدم قدرة بعض المصانع على الوفاء بالتزاماتها التصديرية.

وذكر عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات أنه بعد 2016 ظهرت مشاكل مالية جديدة ساهمت في تعثر مصانع أخرى، وهي تحرير سعر صرف الجنيه ووجود أكثر من سعر للدولار وارتفاع الفائدة في البنوك وهو ما رفع تكلفة الاقتراض.

وتابع قائلا "لا يوجد مصنع يستطيع أن يحقق أرباحا تصل إلى 30 بالمئة، وهي نسبة الفائدة للاقتراض من البنوك. وبعد رفض صندوق النقد المبادرات التي كان يقدمها البنك المركزي بفوائد مخفضة لقطاع الصناعة، غالبية المصانع الآن لا تستطيع الحصول على تمويل".

وتابع أن هناك بعض الشركات قامت بعمل دراسة الجدوى والبدء في تنفيذ المصانع عندما كان سعر صرف الدولار منخفضا، ولكن مع انخفاض قيمة الجنيه ووصول الدولار إلى نحو 50 جنيها أصبح من الصعب شراء الآلات مما تسبب في تعثرها.

وأشار إلى أن الحكومة وعدت بحل المشكلة لكن حتى الآن لا توجد آلية واضحة لإعادة هذه المصانع للعمل مرة أخرى، في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية والتوقعات باستمرار ارتفاع الفائدة لشهور.

وقال "أقترح الاعتماد على القروض الميسرة التي تأتي من الخارج من خلال بنك التنمية الصناعية ومنح هذه القروض لأصحاب المصانع المتعثرة بفوائد منخفضة مما يساهم في حل المشاكل المالية".

وأشار أيضا إلى أن البيروقراطية هي أحد التحديات التي تواجه عمل المصانع لكن الحكومة تعمل على حلها من خلال تفعيل قانون التنمية الصناعية ومنح التراخيص بالإخطار.

تحديات جديدة

من جانبه، قال تيسير مطر وكيل لجنة الصناعة في مجلس الشيوخ لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن مشكلة المصانع المتعثرة نتاج سنوات من الظروف الاقتصادية الصعبة، والإجراءات المعقدة وارتفاع معدلات الفائدة.

وأضاف "هناك مئات المصانع التي تعثرت وتم إغلاقها خلال السنوات الماضية لأسباب مالية وعدم القدرة على شراء مستلزمات الإنتاج أو أمور فنية مرتبطة بإجراءات التراخيص أو التسويق وعدم وجود دراسات جدوى كافية من أصحاب هذه المصانع".

وتابع أن الظروف الخارجية أيضا، مثل الحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة والتوترات في منطقة البحر الأحمر، أضافت ضغوطا على الصناعة لاسيما صغار المصنعين.

وأشار وكيل لجنة الصناعة في مجلس الشيوخ إلى أن اللجنة عقدت اجتماعا مع وزير النقل والصناعة لبحث هذه المشاكل ولمست إصرارا من الحكومة على حل هذه المشكلة.

وقال إن التحديات التي واجهت الاقتصاد خلال الفترة الأخيرة، خاصة ارتفاع سعر الفائدة، أدت إلى تعثر مصانع جديدة بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض.

وأشار مطر إلى أن هناك دعوات تطالب بتجاهل المصانع المتعثرة والبدء في بناء مصانع جديدة وفقا لرؤى ودراسات لتجنب المشاكل السابقة، لكنه يرى أن إعادة تشغيل المصانع المتعثرة هي الحل الأمثل لأنه يختصر وقتا وجهدا ويعتمد على مصانع قائمة بالفعل.

وقال "يمكن للمصانع المتعثرة أن تبدأ في العمل في نصف المدة التي يستغرقها بناء مصنع جديد".

وتوقع مطر البدء في التصدي لمشاكل المصانع المتعثرة وإيجاد حلول لها خلال ثلاثة شهور.

وتابع قائلا "دخول هذه المصانع للعمل خلال فترة قريبة سيكون له آثار إيجابية على الاقتصاد، حيث يساهم في تشغيل آلاف العمال مما يساهم في رواج للاستهلاك المحلي، كما يساهم في تقليل الواردات والتقليل من الاعتماد على الدولار وكذلك زيادة الصادرات".

وأشار أيضا إلى أن إعادة تشغيل المصانع المتعثرة يبعث برسالة إلى المستثمرين في الخارج بأنه لا توجد مشاكل في الاستثمار في مصر مما يساهم في جذب الاستثمارات الخارجية.

وبلغ إجمالي قيمة الناتج الصناعي المصري في العام المالي 2022ـ2023 نحو 1.2 تريليون جنيه، وفقا لتصريحات وزير الصناعة السابق أحمد سمير في فبراير الماضي.

وبحسب بيانات وزارة الصناعة في فبراير أيضا، فقد بلغت الصادرات السلعية والصناعية في عام 2023 نحو 35.6 مليار دولار.

وتستهدف الحكومة زيادة الصادرات إجمالا إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030، من خلال اعتماد رؤية تقوم على زيادة الحوافز التصديرية وحوافز القطاعات الإنتاجية.