تقارير وتحقيقات

 تفتش الفلسطينية نسرين المسارعي بين الأنقاض بحثا عن بقايا ملابس أطفالها أو بعض من مقتنياتها وأمتعتها بين ركام شقتها المدمرة بشمال مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة، ويزداد بكائها مع كل قطعة ممزقة تجدها بين الحجارة هنا أو هناك. تمسك نسرين (45 عاما) ببقايا البطانيات والملابس المحترقة تارة، وتتابع بنظرها حطام أثاثها تارة، ثم تجثو على الأرض لتقبل لوحة تعبر عن ثقل الحمل على عجوز يحمل على ظهره المسجد الأقصى.. تلك الصورة التي اعتاد الفلسطينيون على تعليقها داخل منازلهم تعبيرا عن قضيتهم. لا تكف نسرين المسارعي، وهي أم لثمانية أبناء أكبرهم إسلام (19 عاما) وأصغرهم سراج (18 شهرا)، عن البكاء.. فحلمها الذي ظلت تسعى لتحقيقه مع زوجها بامتلاك شقة بدلا من الإيجار تحطم وذهب أدراج الرياح في القصف الإسرائيلي الذي استهدف برج الصالحي، قبل أن ينسحب الجيش من شمال المخيم الليلة الماضية. تصف أم إسلام تدمير شقتها بتدمير حياتها ومستقبل أبنائها إلى الأبد؛ تقول "بيتي هو روحي وقلبي وحياتي وواحد من أولادي. أنا كنت أُقبّل الحوائط عندما أعود إليه بعد خروجي منه لبضع ساعات". وتضيف "الماضي والحاضر والمستقبل ضاع أمام عينيَّ، ولا أقبل كلمة المال معوض، لأن المال يعادل الروح. فأرواحنا كانت مع كل زاوية بالشقة". وتروي السيدة مدى ارتباطها وأبنائها بشقتهم وبكل مكوناتها صغيرة كانت أو كبيرة، من حوائط وأبواب ونوافذ وأثاث وأمتعة وألوان.. وحتى الإضاءة. فقد ظلت تجمع المال وتحرم أبناءها أنواعا من الطعام ومن الملبس حتى تنجح في تحقيق حلم العائلة بشراء شقة وامتلاكها بدلا من معاناة الانتقال بين الشقق المستأجرة. وما زالت أم إسلام تدفع أقساط أثاث شقتها وتسدد ما استدانته لشرائها ولا تعرف أين ستعيش الأسرة سواء خلال فترة النزوح الحالية أو بعد الحرب. ### \* ضياع خلَّف الجيش الإسرائيلي دمارا كبيرا في المناطق التي اجتاحها لمدة أسبوع بالمخيم الجديد شمال مخيم النصيرات، من تجريف للأرض وتدمير لمنازل وبنايات وأبراج سكنية ومساجد ومدارس ومزارع ومرافق عامة وخاصة متعددة. وبعد انسحابه، تدفق الفلسطينيون إلى المنطقة لتفقد منازلهم المدمرة كليا أو جزئيا ومحاولة البحث عن بعض مقتنياتهم، خصوصا وأنهم غادروها قسرا تحت القصف الإسرائيلي وقبيل اندفاع الدبابات إلى المكان. في جانب آخر من المنطقة كان شريف أبو عطايا (59 عاما) يأمل بالعثور على بعض من ملابس أبنائه وأمتعتهم، لكن حالة الدمار الكامل لبنايته السكنية المكونة من ثلاثة طوابق حالت دون ذلك، ليتضاعف حزنه بحزن الأبناء والأحفاد الذين كانوا يفتشون بين الركام على دفاترهم ورسوماتهم ومقتنياتهم. أبو عطايا الذي كان يقطن طابقا بينما يقطن ابناه المتزوجان طابقين آخرين، يصف قصف الجيش الإسرائيلي لعمارته بأنه تدمير لشقاء عمره كاملا وضياع لمستقبل عائلته إلى الأبد، مؤكدا أنهم كبقية أصحاب البيوت المدمرة ليس لهم علاقة بأي من الفصائل وأنهم مدنيون يبحثون عن حياة آمنة بعيدا عن أي حرب. يروي الرجل كيف أنه خرج من عمارته على عجل دون أن يحمل معه شيئا عندما علم بتقدم الجيش نحو المنطقة. ظن أنها مجرد أيام وسيعود بعدها، لكنه فوجئ بحجم الدمار الكبير لكل معالم الحياة في المنطقة. ويتساءل غاضبا "لماذا يدمر الجيش الإسرائيلي منازل المدنيين بهذه الطريقة الممنهجة؟ ما ذنبنا كفلسطينيين في هذه الحرب المدمرة؟ أين ستعيش عائلتي وعائلتيَّ ابنيَّ الاثنين؟ هل ستكون الخيمة مصيرنا الأبدي؟". ### \* "نريد الحياة" وعلى مسافة ليست ببعيدة، قَلَّ حزن الطفل نبيل حمد نوعا ما بعدما عثر على دراجته المحطمة تحت الركام مع وسادته ودفاتره المتناثرة، بينما كانت الصدمة تسيطر على ملامح أبيه الذي جلس على حطام شقته المدمرة متجولا بعينيه بين مظاهر الدمار الشامل. ورغم أن الطفل الذي لم يكمل أعوامه التسعة يدرك الكارثة التي حلت بالأسرة وكيف أنها ستكون بدءا من اليوم بلا مكان وستضطر للعيش داخل خيمة، فإن العثور على هذه الدراجة هدَّأ إلى حد ما من روعه، فهي هدية قدمتها له أمه عند تفوقه الدراسي العام الماضي. يحاول نبيل مداراة دموعه وهو يقول إن أسرته قضت معظم فترة الحرب داخل شقتها وكانت تتمنى ألا تضطر لتجربة حياة النزوح بمُرّها وعذاباتها. أما أمه، فلم تكف عن البكاء منذ علمت بضياع الشقة. لكن الطفل لم يستطع كتمان مشاعره طويلا فبكى بحرقة. اقترب منه الأب محاولة تهدئته وهو يتمتم في أذنه ببعض الكلمات التي لم تخفف من الحزن المسيطر عليه، وقال بلغة طفولية بسيطة "راحت غرفة نومي وسريري وملابسي والهدايا وكل أشيائي الجميلة ومعها ضاعت كل حياتنا". وأضاف "يريدون تدمير حياتنا وكل بصيص أمل لمستقبلنا، ونحن نريد الحياة ونكره الحرب والدمار".

مقابلة - المغرب يعوّل على مؤهلاته الثقافية لإنجاح استضافته كأس العالم 2030

يراهن المغرب على مؤسساته الثقافية لإنجاح استضافته كأس العالم 2030 من خلال تسليط الضوء على التراث الثقافي والفني المغربي وتنظيم معارض فنية وعروض موسيقية ومهرجانات ثقافية، لجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم وتعزيز التفاعل بين الثقافات المختلفة. ويرى إبراهيم المزند، مدير مهرجانات الموسيقى العالمية بالمغرب والباحث في السياسات الثقافية والصناعات الإبداعية، أن دور الجانب الثقافي في إنجاح الحدث الرياضي يمكن أن يكون حاسما وعاملا جاذبا للزوار من خلال التركيز على الجوانب الثقافية المحلية مثل التراث والموسيقى والفنون، ما من شأنه أن يزيد من نجاح الفعالية الرياضية ويعزز الاقتصاد المحلي. ويقول المزند في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن إثراء التجربة الرياضية من خلال توفير فعاليات ثقافية متنوعة مثل العروض الفنية والعروض الموسيقية سيتيح للمشجعين الاستمتاع بتجربة متكاملة تمزج بين الرياضة والثقافة. ويضيف "بتسليط الضوء على التراث والثقافة المغربية يمكن للحدث الرياضي أيضا أن يعزز الفخر والهوية الوطنية ويشجع على التلاحم الوطني". ويؤكد المزند أن الترويج الثقافي استعدادا لاستضافة الأحداث الرياضية يعد أمرا ضروريا "لأنه لا يتعلق وحسب بإبراز التنوع والثراء الثقافي للمغرب كونه بلدا مضيفا، بل أيضا بخلق بيئة ترحيبية واحتفالية للزوار القادمين من الخارج". ### \* تعزيز الصورة الإيجابية ويرى المزند أن الاستعدادات الثقافية تساهم في تعزيز الصورة الإيجابية للبلاد على الساحة العالمية وتشجع على السياحة والتبادلات الثقافية، فضلا عن أن الاحتفال بالثقافة المحلية من خلال الفعاليات الفنية والثقافية المصاحبة للأحداث الرياضية توفر تجربة فريدة وممتعة للمشاركين والمتفرجين، ما يعزز فهما وتقديرا أفضل بين الثقافات المختلفة. ويشير مدير مهرجانات الموسيقى العالمية إلى أن الأنشطة الثقافية في السنوات القادمة التي تسبق احتضان المغرب كأس العالم 2030 "سيكون لها إسهام كبير إذا ما تمت بمهنية كبيرة وبإسهام من الجميع، لتترك انطباعا إيجابيا ودائما عند الزوار والمشجعين". وتطفو فنون شعبية وعروض فنية محلية عدة على السطح في مثل هذه الأحداث الكبرى، حيث يبرز عدد من الألوان الفنية الشعبية التي تميز مناطق متعددة من المغرب، والتي لا تجد فرصة للظهور بشكل كبير إلا في مثل هذه التظاهرات. ويقول المزند "يمكن للأنشطة الثقافية المواكبة للحدث الرياضي أن توفر منصة مهمة للفنانين المحليين لعرض مواهبهم وإبداعاتهم، وهذا كله سيسهم في تعزيز الصناعة الثقافية والإبداعية بالبلاد". ### \* السياحة الثقافية عملت الحكومة المغربية على حث الفاعلين في الحدث الرياضي على الترويج للسياحة الثقافية، واعتبرت نفسها أمام تحدي تنويع العرض الخاص بالتراث الثقافي، مؤكدة أهمية تقوية الشراكة بين السياحة الثقافية والسياحة التراثية بالبلاد. وأكد وزير الشباب والثقافة والتواصل المغربي محمد المهدي بنسعيد أن المغرب يراهن على السياحة الثقافية لإنجاح حدث احتضان البلاد مباريات كأس العالم 2030. وأبرز خلال عرض قدمه بمجلس المستشارين حول "جهود الوزارة للنهوض بالسياحة الثقافية" أن الوزارة أنشأت عددا من مراكز التعريف بتراث المغرب المحلي ولا سيما بالمناطق النائية. وشدد الوزير على أهمية العلاقة بين السياحة والثقافة، معتبرا أن التراث الثقافي الوطني فرصة لتحسين وتعزيز المعرفة بصناعة السياحة في البلاد. وأشار إلى أن وزارة الثقافة تعمل بتعاون مع وزارة التجهيز على اللوحات الإشهارية التي تعرف بالمآثر التاريخية للمغرب. وأشار المزند في حديثه لوكالة أنباء العالم العربي إلى أن الترويج الثقافي يعزز تجربة الأحداث الرياضية ويجعلها ليس فقط مجرد منافسة رياضية بل أيضا احتفالا بالتنوع الثقافي والترابط الإنساني بين الشعوب والثقافات. وقال "المغرب لديه كل هذه المؤهلات، سواء من خلال البنى التحتية التي بادر بالعمل عليها منذ سنين لإغناء المدن المغربية بمؤسسات ثقافية ذات بعد دولي، كالمسرحين الكبيرين للعاصمة الإدارية الرباط والعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء بالإضافة إلى قصر الفنون بطنجة شمال البلاد والمسارح الكبرى التي هي بصدد الإنشاء بكل من مدينتي أغادير والصويرة، فكلها مؤسسات ستكون لها أدوار إيجابية خلال السنوات المقبلة". ### \* حدث رياضي ثقافي اقتصادي على الرغم من أن الحدث الذي يتم التجهيز له رياضي محض، فإن خلفياته وأبعاده ثقافية واقتصادية بالدرجة الأولى. فالمغرب منذ تم الإعلان الرسمي من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم عن استضافته بطولة كأس العالم 2030 في أكتوبر تشرين الأول الماضي، وهو بصدد التسريع في أعمال تهيئة البنى التحتية وترميم الآثار التاريخية، استعدادا لاحتضان هذه التظاهرة. وقال المزند "المغرب بحكم مؤهلاته الطبيعية ومناخه المعتدل يسمح بتنظيم أنشطة ثقافية عدة في الفضاء العام، وهذا سيكون له حتما إسهام كبير في السنوات القادمة دون إغفال الجانب السياحي، فهناك عدد مهم من السياح يفدون اليوم إلى المغرب لأجل الأنشطة الثقافية التي تحفزهم على زيارته، وكذلك بحكم موقعه الجغرافي وقربه من الدول الأوروبية والأفريقية". وأضاف "لكل هذه الخصوصيات دور إيجابي في السنوات القادمة إذا ما أُخِذت هذه الصناعات بجدية، ليس فقط على مستوى المدن الكبرى والمركزية بل أيضا ببقية المدن". وأكد "الأمر سيكون له إسهام كبير في شعبية المغرب، خاصة أن للبلاد مواعيد مهمة في السنوات القادمة، ليس فقط كأس إفريقيا للأمم أو كأس العالم 2030، بل أيضا محطات رياضية أخرى".

الصراع في السودان يعطل الدراسة ويحول مؤسسات التعليم إلى مراكز لإيواء النازحين

تسبب الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الذي يكمل يوم الاثنين عامه الأول دون أي حلول تلوح في الأفق، في تعطيل مؤسسات التعليم، حيث توقفت المدارس والجامعات مع اندلاع الصراع من قلب الخرطوم، قبل أن يتمدد إلى مدن أخرى في غرب ووسط البلاد. ومع توقف العملية التعليمية وتصاعد موجة النزوح من العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد والمدن الأخرى التي امتد إليها الصراع، تحولت معظم المدارس في الولايات الآمنة نسبيا في شمال وشرق السودان إلى مراكز للإيواء يقيم فيها آلاف النازحين الذين فروا من ويلات الحرب بحثا عن ملاذ آمن. وأدت الحرب إلى نزوح أكثر من 8.5 مليون شخص داخل السودان وخارجه وتسببت في أكبر أزمة نزوح في العالم وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، فإن نحو 19 مليون طفل في السودان ليسوا في المدارس منذ بداية الحرب. وأعلن وزير التربية والتعليم السوداني محمود سر الختم الحوري في سبتمبر أيلول الماضي إلغاء امتحانات الشهادات الابتدائية والمتوسطة والثانوية في الولايات التي تشهد نزاعا، وقرر نقل الطلاب للسنة الدراسية التالية دون امتحانات في مسعى لاستئناف الدراسة، لكن المحاولات باءت بالفشل. وقال عضو المكتب التنفيذي للجنة المعلمين السودانيين سامي الباقر إن المدارس أصبحت دورا لإيواء النازحين في ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف في شرق البلاد، والنيل الأبيض في الوسط والنيل الأزرق وسنار في الجنوب الشرقي، أما في مناطق النزاع فبعض المدارس استغلها أحد الطرفين المتحاربين أو جرى استهدافها. وأبلغ الباقر وكالة أنباء العالم العربي (AWP) بأن الدولة توقفت عن صرف رواتب العاملين في قطاع التعليم منذ بداية الحرب، عدا بعض الولايات لعدة أشهر فقط "وها هي ذي الحرب تكمل عاما كاملا وجعلت حياة أكثر من 350 ألف عامل بالتعليم العام جحيما لا يطاق". وأضاف أن العملية التعليمية توقفت في السودان لأكثر من 11 مليون طالب وطالبة، مشيرا إلى وجود محاولات لفتح المدارس في بعض الولايات "لكن هذه الخطوة تفتقد العدالة والشمول، وتنطلق من مبدأ التعايش مع الحرب، وشرعنة نتائجها". واستأنفت ولاية البحر الأحمر العملية التعليمية لجميع المراحل الأساسية والثانوية أمس الأحد للمرة الأولى منذ اندلاع الصراع. وقرع مصطفى محمد نور والي البحر الأحمر الجرس في إحدى مدارس بورتسودان عاصمة الولاية إيذانا ببدء العام الدراسي الجديد، مؤكدا أن قرار إعادة فتح المدارس يأتي في ظل تحديات عديدة. وأشار والي البحر الأحمر إلى أن الحكومة السودانية اتخذت حزمة من التدابير لضمان استمرار العملية التعليمية قائلا "بحمد الله تم تفريغ حوالي 34 مدرسة وتم نصب أكثر من ألف خيمة تحوي حوالي أربعة آلاف وافد. والحمد لله نقدم لهم الخدمات الضرورية". \* الصراع يفاقم معاناة التعليم قال مصدر في وزارة التربية والتعليم السودانية إن الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع فاقم معاناة التعليم في السودان الذي كان يواجه تحديات بالفعل من قبل الصراع. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في حديثه إلى وكالة أنباء العالم العربي، أن هناك مشكلة تواجه بدء العام الدراسي في الولايات الآمنة تتمثل في عدم سداد الرواتب المتأخرة للمعلمين، بالإضافة إلى مشكلة في طباعة كتب المرحلة المتوسطة، وهي مشكلة تم حلها لاحقا بطباعة الكتب في القاهرة. وعلى الرغم من محاولات استئناف العملية التعليمية في ولايتي البحر الأحمر ونهر النيل والولاية الشمالية، فإنه لا حديث حتى الآن عن التعليم في مناطق أخرى مثل إقليم دارفور وولايات الجزيرة وسنار والقضارف والنيل الأبيض والنيل الأزرق، بحسب المصدر. وتابع قائلا "الدولة مهتمة بحشد كل الموارد لتمويل الحرب والعمليات العسكرية وتناست الخدمات الأخرى". وأردف "امتحانات الشهادة السودانية حتى الآن لا موعد لبدايتها على الرغم من صدور قرار رسمي من وزير التربية والتعليم بتسجيل الطلاب العالقين في الولايات الآمنة وخارج السودان لحصرهم ومعرفة أماكن حضورهم بحيث تتمكن الوزارة من إرسال الامتحانات متى تيسرت". ويرى أن هذه العملية معقدة وستصطدم بمشكلات مالية وفنية، مضيفا أنه لا يتسنى للدولة الآن توفير موارد خاصة بها. وقال "الموضوع معقد تماما، ولا أتوقع أن تحدث فيه انفراجة ما لم تتوقف الحرب، واستئناف العملية التعليمية في بعض الولايات سيفاقم من مسألة الشعور بالانتقائية، حيث تتعرض بعض الولايات للتهميش ولا تحظى باهتمام الدولة، ويولد كل هذا الشعور بالغبن تجاه الدولة". وأكد ضرورة التفكير في إيقاف الحرب أولا، ثم الشروع في ترتيبات استئناف التعليم.
يسيطر القلق والتوتر على الفلسطيني خليل السراج، مع استمرار تقدم دبابات الجيش الإسرائيلي بشمال مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة، خشية اضطراره وأسرته للنزوح تحت وطأة القصف. يجلس السراج (63) داخل محل خياطة بشارع رئيسي في المخيم الجديد بالنصيرات، ويتبادل أطراف الحديث مع جاريه اللذين يزيدان قلقه بحديثهما عن تصاعد العملية العسكرية الإسرائيلية وإمكانية وصولها إلى منطقتهم في أي لحظة. ويستمع الرجل عبر هاتفه المحمول لإذاعة فلسطينية بالضفة الغربية تبث أخبار إحدى القنوات الفضائية العربية، ليتابع تطورات تقدم الدبابات الإسرائيلية حتى لا يفاجأ بها أمام منزله كما حدث في شمال قطاع غزة، وأخذ يضرب كفا بكف لعدم قدرته على تخيل إمكانية خروجه مع أولاده وأحفاده الثلاثة عشر من بيته والبحث عن ملاذ آمن آخر في منطقة جديدة. يقول الرجل إن زوجته وأبناءه لا يتوقفون عن الطلب منه البحث عن مكان جديد يمكن أن يكون مأوى لهم حال اجتياح الدبابات للمنطقة، سواء طُلب منهم النزوح أم لا، غير أنه يصف المخيم بأنه "جزء من حياتي وتفاصيل يومياتي التي لا يمكنني العيش بدونها حتى لو كانت حربا طاحنة". ويضيف السراج أن الخوف يسيطر على عائلته وعائلات أشقائه وكل سكان المخيم الجديد خشية تعرضهم للقصف والقتل "بشكل جماعي" كما حدث بمدينة غزة وشمال القطاع خلال الفترة السابقة، وفق حديثه، وقال إن مشاهد الجثامين تحت الركام وفي الشوارع خصوصا في مجمع الشفاء الطبي والأحياء السكينة المجاورة له لم تغادر أذهانهم. ويؤكد الرجل أن الانطباع العام بين سكان المخيم المقيمين أو الذين نزحوا إليه منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، أن الجيش الإسرائيلي لا تضبطه أية معايير قانونية أو إنسانية حال قرر استكمال اجتياح المخيم، ويمكنه تكرار عمليات القصف السابقة في مناطق القطاع الأخرى التي يجتاحها. ورغم حديث السراج عن تمسكهم بالبقاء في المخيم "حتى آخر رمق" لارتباطه الوجداني والحياتي بكل تفاصيله فضلا عن غياب أي رؤية لتوفير مكان ينزحون إليه، إلا أنه يؤكد أن القرار لدى الجميع هو عدم المخاطرة بأبنائهم وتركهم فريسة للهجمات الإسرائيلية، والنزوح حتى ولو إلى شاطئ البحر أو إلى العراء حفاظا على أرواحهم. ويقول "لا ننام الليل ولا نستطيع التحرك في النهار ونبقى نتابع كل جديد بخصوص التوغل البري لإسرائيل، خصوصا وأن جيشها على مسافة قريبة من منازلنا فضلا عن تساقط القذائف علينا داخل البيوت والشوارع". ويتابع قائلا "الجيش على أطراف المخيم ولا يحتاج سوى بضع دقائق لوصول الدبابات لمنازلنا. تخيل أن تعيش في ظل هكذا ظروف وكأننا ننتظر الموت بأي لحظة، نحن في حيرة من أمرنا: هل نغادر الآن ونحافظ على أرواحنا أو ننتظر حتى اللحظة الأخيرة مع مخاطرة كبيرة؟" كان الجيش الإسرائيلي أعلن الخميس الماضي تنفيذ عملية عسكرية في مخيم النصيرات هاجم خلالها عشرات الأهداف. ومخيم النصيرات ثالث أكبر مخيم للاجئين في فلسطين بعد مخيمي جباليا والشاطئ، وأنشئ عام 1948، ويقع في منتصف قطاع غزة بين مدينتي غزة شمالا ودير البلح جنوبا. ويواصل الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية البرية شمال المخيم انطلاقا من الطريق الذي يدشنه للفصل بين مدينة غزة وشمال القطاع من جهة وبين وسط وجنوب القطاع من جهة أخرى، بعد اجتياحه لقرية "المغراقة" ومناطق أخرى مجاورة للمخيم. وتتعرض مناطق متعددة بمخيم النصيرات لقصف جوي ومدفعي ممع اقتراب الدبابات الإسرائيلية من أطرافه الشمالية، مما يتسبب في سقوط مزيد من القتلى والجرحى بين الفلسطينيين فضلا عن تدمير المنازل والمزارع والطرق وغيرها من المرافق العامة والخاصة. #### \* نزوح متكرر وتفاقم العملية البرية الإسرائيلية من معاناة وقلق النازحين داخل مخيم النصيرات سواء بالمدارس المخصصة كمراكز إيواء أو النازحين ببعض الخيام والمحال التجارية ونحوها، خصوصا وأن أغلبهم عايش النزوح مرات عديدة انطلاقا من مدينة غزة وشمالها إلى وسط وجنوب القطاع. ومن بين هؤلاء، سهير البرديني، التي بدأت رحلة نزوحها منذ منتصف نوفمبر الماضي من منزلها بمدينة غزة إلى مخيم النصيرات ثم بعد تعرضه للاجتياح الأول اضطرت للانتقال إلى دير البلح بوسط القطاع، ومنها إلى رفح في الجنوب، قبل أن تعود لمركز إيواء تابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بالمخيم بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منه قبل شهرين. ولا تتصور سهير (35 عاما) إمكانية نزوحها من جديد مع أطفالها الثلاثة، محمد (9 سنوات) وأحمد (8 سنوات) وسيف الذي لم يكمل أعوامه الأربعة، وبدء معاناة جديدة بعد أن استقرت مع عائلتها وعائلات والديها وأشقائها بمركز الإيواء. وتبدو الأرملة، التي قُتل زوجها في قصف منزل شقيقاته في مدينة غزة في بداية الحرب، في حالة توتر غير مسبوق وهي تفكر فيما هو قادم من نزوح محتمل. وتتساءل قائلة "هل سنبدأ بالبحث عن الطعام والماء من جديد؟ كيف سأوفر تكاليف النزوح والانتقال لمناطق أخرى؟ وأين يمكن إيجاد مأوى في ظل الازدحام الشديد للنازحين بكل الأماكن البديلة؟" ويخشى أيضا فادي الكفارنة، النازح من مدينة بيت حانون في شمال القطاع، أن يطال الخطر حياته وحياة أبنائه الثمانية الذين يسعى جاهزا للحفاظ عليهم عبر النزوح المستمر من مكان إلى آخر منذ بداية الحرب، معتبرا أن الحياة بمكان يتوغل الجيش الإسرائيلي على مقربة منه "مخاطرة حقيقية"، خصوصا وأن الجيش اعتاد على استخدام الكثافة النارية كمقدمة لاجتياح أي منطقة. غير أن الكفارنة (38 عاما) لا يعرف، مثله في ذلك مثل الكثيرين من السكان، إلى أن يمكن أن يتوجه بعد ذلك إذا تزايد القصف وواصلت الدبابات تقدمها. وتواصل القصف الإسرائيلي صباح اليوم الأحد على مخيم النصيرات، بينما قُتل وأصيب العشرات خلال العملية العسكرية البرية المستمرة منذ عدة أيام شمال المخيم.

الأخبار

  • الخميس، ١٨ أبريل ٢٠٢٤ في ٦:٣٩:٥٨ م
  • ستاندرد آند بورز تتوقع استمرار ربحية شركات التأمين الخليجية في 2024

  • توقعت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال أن تواصل شركات التأمين الخليجية تحقيق الأرباح في 2024 مع نمو الإيرادات الإجمالية بين خمسة و15 بالمئة، مضيفة أن الشركات السعودية ستحقق مجددا أسرع معدل نمو. وقالت الوكالة في تقرير اطلعت عليه وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن ربحية الشركات ستكون مدعومة بتصحيح الأسعا...

  • الخميس، ١٨ أبريل ٢٠٢٤ في ٦:٣٩:٤٩ م
  • المحجوبي لاعب الترجي السابق لـAWP: يجب استغلال مستوى صن داونز المتراجع

  • يرى محمد علي المحجوبي لاعب الترجي السابق أن مستوى المنافس ماميلودي صن داونز "متراجع" في الفترة الأخيرة، لذا طالب فريقه التونسي باستغلال كل الفرص الممكنة لبلوغ نهائي دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم. وقال المحجوبي لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن الترجي يمر بفترة جيدة وتطور تحت قيادة المدرب البرتغالي...

  • الخميس، ١٨ أبريل ٢٠٢٤ في ٣:٥٧:٣٠ م
  • بي.إم.آي تتوقع نمو السياحة الوافدة للإمارات 14.4% إلى 28.5 مليون سائح في 2024

  • توقعت شركة بي.إم.آي للأبحاث التابعة لفيتش سوليوشنز نمو السياحة الوافدة إلى الإمارات 14.4 بالمئة العام الجاري إلى 28.5 مليون سائح مرتفعة من تقديرات عند 24.9 مليون سائح في 2023 الذي اعتبرته عام التعافي الكامل للقطاع من تداعيات جائحة كوفيد19. وعزت الشركة في تقرير اطلعت عليه وكالة أنباء العالم العربي (A...

الصور

اختيارات المحررين

  • الأربعاء، ١٧ أبريل ٢٠٢٤ في ٧:٥٩:٢٥ م
  • "عمليات الظل".. المعركة القادمة المتوقعة بين إسرائيل وإيران

  • اقرأ المزيد
  • الأربعاء، ١٧ أبريل ٢٠٢٤ في ١٢:٠٣:٠٧ ص
  • وزير المهجرين اللبناني لـAWP: لبنان سيستأنف تسيير قوافل إعادة النازحين السوريين إلى بلدهم

  • اقرأ المزيد
  • الثلاثاء، ١٦ أبريل ٢٠٢٤ في ٤:١٦:٤٠ م
  • المتحدث باسم الجيش السوداني لـAWP: تمكننا من امتصاص صدمة "تمرد" الدعم السريع وسنكسب هذه الحرب

  • اقرأ المزيد
  • الثلاثاء، ١٦ أبريل ٢٠٢٤ في ٤:١٥:٥٨ م
  • كابيتال إيكونوميكس: مخاطر اضطراب إنتاج النفط بالخليج بسبب صراع محتمل بين إيران وإسرائيل أقل بكثير مما كانت عليه في 2018 – 2019

  • اقرأ المزيد
  • الاثنين، ١٥ أبريل ٢٠٢٤ في ٦:٢٧:٥٠ م
  • حصاد عام من الحرب في السودان.. انهيار النظام الصحي ونزوح الكوادر الطبية

  • اقرأ المزيد
  • الاثنين، ١٥ أبريل ٢٠٢٤ في ٢:٢٠:١٧ م
  • طهران تتوقع من واشنطن "سلوكا منطقيا" عقب الهجوم الإيراني على إسرائيل

  • اقرأ المزيد